طالبت العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي حنين زعبي، بتعميم تجربة القدس على مطالب سياسية بالمدينة المقدسة فيما يتعلق بإجراءات الاحتلال التي من الممكن أن تشهد تراجعاً، بما يضمن عدم الرجوع إلى حالة "تدنيس" المسجد الأقصى من قبل المتطرفين الذين يقتحمونه.
جاء ذلك في حديث خاص مع "مراسل فلسطين" عبر الهاتف؛ عبرت فيه عن إعجابها بـــ "الوقفة البطولية" الشعبية التي حدثت في الأيام الأخيرة؛ مشيدةً بالحالة المعنوية التي عاشتها القدس وبالتالي صدَّرتها لجميع الفلسطينيين والعرب.
وتوقعت زعبي أن يُصعّد الاحتلال إجراءاته ضد القدس؛ وأن يباشر بتفعيل قوانين قديمة ضد النواب العرب بالكنيست، مطالبةً في الوقت ذاته "المرجعيات الدينية" بعدم الدخول للصلاة في ساحات الأقصى، واستمرار الصلاة الحاشدة في شوارع القدس؛ إن نفذّت سلطات الاحتلال قرارها بمنع من هم دون سن الخمسين عاما من الصلاة بالأقصى.
الهبة المقدسية
ولم تستبعد زعبي أن تؤثر "وقفة القدس" على السلوك السياسي في الداخل المحتل، رغم اختلاف طبيعة النضال بين الضفة وغزة والقدس والداخل المحتل، على اعتبار أن كل منطقة لها استراتيجية في طرق النضال، مردفة: "العبرة أن نؤمن بقوة الشعب حينما يخرج موحداً إلى الشارع وهذه العبرة تنتقل إلينا في الداخل".
وأضافت: "على هذه "الهبَّة الشعبية" المقدسية أن تفرز قيادة ميدانية وأن تتوحد كلمة المرجعيات الدينية مع كلمة الشارع المقدسي، بتفعيل الصمود من أجل مطالب أخرى، كرفض تواجد شرطة الاحتلال بساحات الأقصى، ورفض اقتحام المستوطنين له، ورفض التقسيم الزماني، ورفض منع أي فلسطيني من دخول الأقصى".
ولدى سؤالها عن توقعاتها فيما يتعلق بإجراءات الاحتلال القادمة بالقدس، قالت: "نحن أمام تصعيد إسرائيلي قادم من الانتقام والردع، وعلى (إسرائيل) أن تفهم أن هذا التصعيد لن يقابل بالسكوت الفلسطيني، فوحدة تكافل وصمود مقدسي، ووقوف المرجعيات الدينية خلف كلمة شعبنا؛ أنموذج رائع أمام أي سياسة انتقامية إسرائيلية قادمة".
وتوقعت زعبي أن تجري موجة اعتقالات كبيرة بالقدس، إذ يدرس الاحتلال زيادة أعداد قواته الخاصة وزيادة وتيرة اقتحامات المستوطنين للأقصى، مستدركة: "رغم إجراءات الاحتلال إلا أن الصمود والتضحيات المقدسية لم تتوقف سواء بالعمليات الفردية أو النضال الشعبي الأخير".
حتى وإن لم تصعّد سلطات الاحتلال، وفق الزعبي، فإن الحالة اليومية هي حالة احتلال وسيطرة وقمع واقتحامات يومية للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين، مطالبة بمزيدٍ من الإرفاد للقيادة الميدانية حتى يتسنى لها مواجهة اجراءات الاحتلال.
وبشأن الأسباب التي تدفع نتنياهو كلما تعرض لمأزق بإدخال فلسطينيي الداخل معه في ذات المأزق، قالت إن نتنياهو حينما يتراجع عن فرض اجراءاته على الفلسطينيين نتيجة ضعفه، يذهب للفت الأنظار لمواقع أخرى ليثبت أنه السيد والمسيطر من خلال القمع، وهذا سيناريو متعارف عليه؛ وفق وجهة نظرها.
وحول فرص انتقال تجربة القدس لباقي المناطق الفلسطينية المهددة بالاستيطان واجراءات الاحتلال، أشارت إلى أن هناك أنموذجا مماثلا حدث بالداخل المحتل ضد قانون "برافر"؛ الذي يهدف لطرد 35 ألف فلسطيني بالداخل المحتل، وهدم خمسة قرى وبناء أخرى يهودية مكانها، فكانت نتيجة المظاهرات الشعبية الغاضبة وإغلاق الشوارع سحب القانون من الكنيست قبل ثلاثة أعوام.
وذكرت، أن أنموذج الهبَّة في القدس يحظى بميزة خاصة بسبب المشاركة الشعبية الهائلة فيها، عازية ذلك إلى أن المسجد الأقصى هو مكان السيادة الوحيد بالقدس للفلسطينيين، وهو رمز سياسي وديني، بعد أن بترت القدس عن الضفة نتيجة قلة حيلة السلطة، وقمع النضال الفلسطيني من خلال التنسيق الأمني.
ضم مستوطنات
وحول اقتراح نتنياهو، ضم مستوطنات للقدس مقابل منح بلدات في وادي عارة للسلطة الفلسطينية، بينت أن هذا الاقتراح عمره أكثر من عشر سنوات، وهو مخطط مدروس، مما يهدف لإضعاف الفلسطينيين بالداخل المحتل كقوة سياسية من خلال الفصل الديموغرافي.
وأشارت إلى أن الخطاب في (اسرائيل) حول قضية تبادل الأراضي نوعان، الأول يطالب بضم مناطق من الضفة الغربية ومناطق كبيرة من منطقة "c" للاحتلال، وفكرة متطورة بأن ينفصل الاحتلال عن العرب بالداخل المحتل، بهدف السيطرة على الأراضي والتخلص من الفلسطينيين كخطر ديمغرافي وأمني وفق المفهوم الإسرائيلي.
وأكدت زعبي، أن تبادل أراضي وادي عارة هو للتلويح وليس للتطبيق العملي، وذلك لزرع الإرهاب، مع أن الاحتلال يعرفون أنه لا توجد جهة فلسطينية تقبل بهذا التطهير الذي يهدف لطرد ربع السكان العرب.
وعن تحذير رئيس الحركة الإسلامية الشيخ رائد صلاح من محاولات إسرائيلية لاغتياله، اعتبرت زعبي أن ما تمر به الحركة الإسلامية منذ عامين على حظرها من قبل الاحتلال، أخطر ما حصل للفلسطينيين منذ 69 عاما في الداخل المحتل، مستبعدة على الإطلاق أن يجرؤ الاحتلال على اغتيال الشيخ "حتى لو أرادوا ذلك لن يستطيعوا".
وتابعت: "الاحتلال يعرف أنه لو تعرّض صلاح لإصابة شخصية؛ فإن ذلك سيقابله ردّات فعل هائلة من فلسطينيي الداخل"، معتبرةً أن حظر الحركة الإسلامية وإخراجها عن القانون وشن حملة اعتقالات مستمرة على كوادرها وسجنهم على شئون يومية روتينية اجتماعية، ليس بأقل خطورة من محاولة اغتيال صلاح.
وأعربت زعبي عن قلقها من موجة القوانين العنصرية في الكنيست، التي قد يحصل على إثرها ملاحقات لأعضاء التجمع العربي.
وقالت: "(إسرائيل) لا تستطيع تجيير قيادات الداخل لصالح مشروعها كما فعلت بقيادات السلطة بالضفة بعد أن جيرتهم للمصالح الإسرائيلية باستراتيجية التنسيق الأمني، لذلك تسعى لضرب قيادات الداخل بالملاحقة"، مشددة على ضرورة إفشال المخطط الإسرائيلي ضد قيادات الداخل بتقوية النضال، وتعبئة الشارع بتعزيز ثقته بقياداته، من خلال الاستفادة من تجربة القدس.
وبشأن التحريض الذي يشنه الاحتلال عليها وعلى باقي النواب العرب بالكنيست بعد مساندتهم لانتفاضة القدس، قالت: "نحن لا نتضامن فقط مع نضال القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، بل نحن جزء من الشعب الفلسطيني في تلك المناطق".
وأشارت إلى أن الاحتلال دُهش من الوقفة الشعبية الفلسطينية بالقدس، لمنع مخططاته بتثبيت البوابات الإلكترونية، مما أثار غضبهم أكثر، الأمر الذي يدفعهم للتنكيل بالفلسطينيين من جهة، والتحريض ضد أعضاء الكنيست العرب من جهة أخرى.
وأضافت: "قيادات الاحتلال تحاول اقناع نفسها بشتى الطرق "المُشوهة" أنه لا علاقة بين "الهبة الأخيرة" وإجراءات الاحتلال القمعية، وأن هذا التحدي والنضال والوقفة البطولية للمقدسيين والمرجعيات الدينية هي نتائج تحريض جزء منه حركة حماس وأعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب".
وتابعت "الاحتلال غير مقتنع أن الشعب معبأ، نتيجة ما يلقاه من قمع ووحشية جنوده وهدم البيوت ومصادرة الأراضي".
تفعيل اجراءات
وحول التخوفات من إجراءات جديدة ضد النواب العرب، رأت زعبي أن الهدف الأساسي من التحريض هو الردع والتخويف، وأن الاحتلال قد يلجأ لتفعيل قانون طرد أعضاء الكنيست الذي ينص على أن 90 عضوا بالكنيست يستطيعون طرد عضو برلماني واحد، وهذا القانون مخصص فقط للعرب.
وأفادت زعبي أنها تلقت سبع شكاوى ضدها من لجنة التأديب بالكنيست، بانتظار ردها عليها، فضلا عن وجود تهديدات بسحب المواطنة التي هي فقط لأجل الردع والتخويف، مشيرة إلى أن شرطة الاحتلال قد تتقدم بشكوى ضدها على مشاركتها في خضم أحداث الأقصى.
واستدركت: "دورنا أن نحرض على النضال ضد المحتل، وأن نستمر في دعم وقفة القدس؛ ونريد لصمود المقدسيين والوقفة الشعبية أن تستمر".
وأشارت العضو العربي أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يهدد بزيادة عدد الوحدات الخاصة بالقدس، وزيادة ميزانية أجهزة أمنية متطورة، ومنع أفراد من دخول المسجد الأقصى.