فلسطين أون لاين

​ماذا قال المرابطون عن اعتصامهم وانتصارهم؟

...
القدس المحتلة / غزة - فاطمة أبو حية

آلاف المعتصمين كانوا في شوارع القدس اعتراضًا على الأمر الواقع الذي فشل المحتل في إبقائه وهو نصب بواباتٍ إلكترونية وكاميرات مراقبة، لقد انتصرت إرادة المقدسيين والمرابطين بعد أن تشكّلت الآلاف من العائلات الكاملة نصرة للأقصى، فأغلب المعتصمين، إن سألتهم، سيخبرونك أن باقي أفراد أسرتهم كانوا منتشرين في المكان.. لقد بات ذلك الاعتصام ذكرى تكللت بالنصر للمقدسيين والذل للمحتل.

نعرف ما ينتظرنا

تقول المقدسية "أم طارق الهشلمون": إن نزولنا إلى الشوارع في ذلك الظرف كان أمرًا طبيعيًا بالنسبة لأي مقدسي ولكل قريبٍ من الأقصى، وذلك من أجل إثبات الحق والتأكيد على حرية العبادة، ونتيجة لهذه الحالة من النزول التلقائي إلى أماكن الاعتصام تجد عائلات كاملة قد انضمت للمعتصمين.

وتضيف في حديثها لـ"فلسطين": "قبيل إجراءات الاحتلال الأخيرة، اعتدنا أن تتوجه عائلاتنا كاملة إلى الأقصى للصلاة فيه، لكن أعدادنا تضاعفت وزادت في كل يوم، خاصة أن المدينة عمّها الإضراب، ما يعني عدم وجود انشغالات لأغلب المقدسيين".

وتتابع: "قررنا النزول ونحن مدركون إلى أين نذهب، وما العواقب التي ننتظرها، لذا فلا مانع لدينا من دفع الثمن، والحمد لله أن ثمن الدماء لم يذهب هدراً فقد انتصرنا بفضل الله وبرباط أحبة الأقصى، بل ويمكنني الجزم بأن شعور الخوف كان منزوعاً من دواخلنا في الأيام السابقة، لم نكن خائفين على أطفالنا أو كبار السن في عائلاتنا لأننا كنا على يقين بأن الله معنا".

وتشير إلى أن الكبار لم يبذلوا جهدًا في تعريف الصغار بما يجري، ولا في زرع قيمة التضحية فيهم، فالأطفال نشؤوا في واقع صعب بفعل الاحتلال، ويتعرضون لانتهاكاته في كل تفاصيل حياتهم، ويعترضهم الجنود في طريقهم إلى مدارسهم، وحتى إذا ما قرر الواحد منهم شراء قطعة حلوى من البقالة سيقابل الجنود في طريقه، وبالتالي فنصرة الأقصى جزء من فطرة المقدسيين، كبارًا وصغارًا.

أمانٌ تخلو منه البيوت

في ذلك الاعتصام الذي انتهى بفشل المحتل ورضوخه لإرادة الفلسطينيين والمرابطين غالباً ما تكون النساء في أماكن تختلف عن أماكن الرجال، حتى نساء، أو رجال، العائلة الواحدة، يتفرقون بين الجموع المحتشدة، وفي هذه الحالة كانوا يستخدمون الهواتف النقالة للاطمئنان على بعضهم البعض باستمرار، بحسب الهشلمون.

وتؤكد الهشلمون أن المعتصمين لنصرة الأقصى لم يكونوا ليشعروا بالخطر أثناء وجودهم في أماكن الاعتصام، خاصة أن ترابط أهل القدس كان يبدو وكأنه ترابط عائلي، وبالتالي فالراحة والأمان حاضران دومًا، وتضرب مثالًا بما تعرّض له طفل من أقاربها، فالطفل الذي يبلغ من العمر عامين فقط رافق والده في صلاة المغرب، وبعد انتهائها ابتعد عن أبيه، ليجد نفسه تائهًا بين الجموع، لم يتركه الناس أبدًا، سألوه عن اسمه وأعادوه إلى أهله على الفور.

ووفقا لضيفتنا، فلا مجال للحديث عن توجيه الأب، أو تشجيع الأم، أو عن إلحاح الأبناء بالخروج، فأفراد العائلة كلّهم كانوا يتحركون بتلقائية، فنصرة الأقصى خطوة بديهية لأهل بيت المقدس، يفعلون ذلك انطلاقًا من الظروف التي نشؤوا فيها فعلّمتهم أن النصرة واجب لا مفرّ من تأديته.

تنازلت هذه العائلات عن دفء الأجواء الأسرية والاجتماعات اليومية على موائد الطعام وعن تبادل الأخبار بين أفرادها، ولكن ماذا عن الاستقرار والأمان اللذين يصعب تحققهما خارج أبواب البيت، خاصة في ظروف كظروف المعتصمين وما يتعرضون له من قمع؟، تجيب الهشلمون: "البيوت المقدسية تخلو من الأمان في الأيام العادية، حتى أننا، نحن النساء، ننام وملابس الصلاة إلى جوارنا، لأننا نتوقع اقتحام جنود الاحتلال لبيوتنا في أي لحظة، اعتدتنا أن نفتح أعيننا في الثانية والثالثة فجرا لنجد الجنود فوق رؤوسنا، يتجولون في البيت وينتهكون كل خصوصياتنا، لذا فإن وجودنا في الاعتصام قد حقق لنا نسبة أكبر من الأمن، نستشعره حينما نكون مع أهلنا وبين من يشاركوننا الهم".

انتهى الاعتصام وانتصر المقدسيون بإصرارهم وحبهم للقدس والمسجد الأقصى، فأرضخوا المحتلّ لإرادتهم رغم تعنته وتجبره، إنه التكافل والحب الذي يجتمع في أناسٍ أصحاب حقّ وكرامة.