مع انقضاء زيارة بايدن للمنطقة، تراجعت التوقعات الإسرائيلية التي عوّلت عليها كثيرا بإنجاز اتفاق تطبيع مع السعودية، لكن ما اتضح للإسرائيليين بعد أيام من الزيارة أن وتيرة التطبيع القائمة مع الأخيرة بطيئة، رغم أنها مؤكدة، لأن علاقات المملكة مع دولة الاحتلال مرتبطة باستقرارها، ما يجعلها تنظر لاتفاق التطبيع بأنه خطوة بعيدة جدًا.
مع أن زيارة بايدن أعادت للإسرائيليين قضية تطبيع العلاقات مع الرياض لجدول الأعمال، عقب ما شهدته السنوات الأخيرة من تغيير لافت في مواقفها تجاه العلاقات مع دولة الاحتلال، ووجود مؤشرات على تنازلات محتملة من جانبها، فإن الرغبة في تسريع دفء علاقاتهما، بما في ذلك "إعلان" العلاقات القائمة أصلا، قد تضر بفرصها، وفق التقدير الإسرائيلي.
هناك قناعة إسرائيلية سائدة مفادها أن التراجع اللافت في موقف السعودية من التطبيع مع الاحتلال، يأتي في ظل ما تراه مسألة حساسة بسبب وضعها الداخلي، رغم أنها ساعدت على إنعاش العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية والإسلامية، لكنها قد ترى أن دورها بهذه الطريقة هو المفضل الآن.
ذات القناعة الإسرائيلية ترى أنه من أجل الإعلان عن العلاقات القائمة بالفعل مع الرياض، فقد يتعين عليها التغلب على حساسياتها الداخلية والخارجية، واستقرارها السياسي، بما يشمله من تهيئة رأيها العام الداخلي، الذي يبقى في الغالب، ضد التطبيع مع الاحتلال.
رغم ذلك، فإن التقييم الإسرائيلي يرى أن المملكة ستواصل تمهيد الطريق، والتقدم تدريجيًا نحو انفتاح أكبر في العلاقات مع الاحتلال، حتى لو كان في نموذج مختلف عن اتفاقات التطبيع السابقة، سواء في عمق الانفتاح، أو وتيرة التغيير، بسبب طبيعتها المحافظة.
في الوقت ذاته، تنظر المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية للسعودية على أنها شريك أمني موثوق به لمواجهة التحديات "المشتركة"، رغم أن المملكة ترى في بداية حوار إسرائيلي فلسطيني ذريعة سياسية لها لإحداث مزيد من تقارب أكثر أهمية مع الاحتلال، لأنها ترى فيه حافزا حاسما لدفع العملية للأمام.
كما يرصد الإسرائيليون ما يقولون إنها فرضيات سعودية حول جدوى التقارب معهم، ولا سيما باتجاه عدم الإضرار باستقرارها، ومساعدتها على تقوية علاقاتها بالولايات المتحدة، وتحسين الصورة النمطية المأخوذة عنها هناك، وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية، وإذا تحقق كل ذلك، فقد تكون مستعدة للمضي قدمًا نحو الاحتلال في اتفاق تطبيعي رسمي.
هذا يعني، وفق التقدير الإسرائيلي أن السعودية قد تحافظ على موقعها الخلفي في موضوع التطبيع، على حين تساعد وراء الكواليس على تدفئة العلاقات الإسرائيلية العربية والإسلامية، ولعله خيارها المفضل في هذه المرحلة، رغم وجود دوافع إسرائيلية لا تخطئها العين بشأن الرغبة لإضفاء الطابع الخارجي على العلاقات معها، مع أنه لا يزال يُنظر إليه على أنه خطوة بعيدة جدًا.