فلسطين أون لاين

"المواصلات" قرّرت تخفيض سعر لتر المحروقات شيقلًا واحدًا

سائقو "النقل العام" بالضفة.. ارتفاع أسعار الوقود يعدم دخلهم اليومي

...
مركبات من قطاع النقل العام في الضفة
غزة/ يحيى اليعقوبي:

لم يعد السائق أمجد عبد الكريم يجني سوى مشقة التعب في أثناء قيادة حافلته بمحافظتي رام الله والبيرة أمام غلاء أسعار الوقود بالضفة الغربية، فأجرة النقل التي يحصل عليها البالغة قرابة 100 شيقل في متوسط الحالات يدفعها ثمنًا لإعادة ملء خزان الوقود، أي إنه قدم خدمة للمواطن دون أن يحصل على أجره، ليعود في نهاية اليوم خالي الوفاض بلا دخل، أو يعود محملًا بالديون لعائلته.

ونظمت نقابة النقل العام إضرابًا توقفت فيه عن العمل الأربعاء الماضي، وتهدد بتجديد الإضراب يومي الأربعاء والخميس المقبلَين، إذا لم تتخذ حكومة "اشتية" في اجتماعها خطوات تدعم فيها السائقين وتستجيب لمطالبهم.

يقول السائق عبد الكريم لصحيفة "فلسطين": "إننا ننتظر ما سينتج عن اجتماع الحكومة، وإن لم تستجِب لمطالبنا، فسنضرب ليومين".

يشرح صعوبة أوضاعهم: "لم نعد نستطيع إطعام أُسرنا، ولجأنا للإضراب لأنّ الأمور أصبحت خارج إرادتنا ولم نعد نستطيع تغطية التكاليف، وكأنّنا أصبحنا نعمل بلا أجر، بل أصبحت علينا ديون".

ويشمل قطاع النقل العام المركبات العمومية و"السرفيس" والحافلات التي تعمل على الخطوط الداخلية والخارجية بين المدن والبلدات والقرى، ويبلغ عددهم نحو 17 ألف سائق.

ويطالب السائقون حكومة "اشتية" بدعم قطاع المحروقات في ظل الارتفاع الكبير في أسعارها، وتثبيت سعر لتر السولار لقطاع النقل العام على 5 شواقل دون غيره، والسماح لقطاع النقل باستيراد مركبات من الداخل المحتل، ومنع المركبات الخصوصية من نقل المواطنين على حساب النقل العام، والسماح باستيراد الشاحنات و"السرفيس" من الاحتلال، نظرًا لانخفاض سعرها مقارنة بالضفة نظرًا لإضافة السلطة الضرائب عليها.

"بدأت المعاناة منذ خمس سنوات بسبب وجود سيارات خصوصية تحاربنا في رزقنا، ورغم أننا قدمنا شكاوى للشرطة ووزارة المواصلات فلم يفعلوا شيئًا على أرض الواقع، ناهيك بارتفاع الوقود وقطع الغيار، في المقابل تقوم الحكومة بإجبارنا على دفع الضرائب والجمارك والتأمين ولا يوجد تخفيض"، يعرض جانبًا آخر من المعاناة. 

أما السائق محمود حمد الذي يملك سيارة عمومية ذات حمولة سبعة ركاب، فقد عرض سيارته للبيع وذهب للعمل بالداخل المحتل أمام صعوبة الوضع، فملء خزان الوقود يكلفه يوميًّا 270 شيقلًا أمام ارتفاع أسعار الوقود، ولديه أسرة مكونة من سبعة أفراد لم يستطع تلبية احتياجاتها كما السابق.

يفتح قلبه لصحيفة "فلسطين" عن معاناته: "كلّ شيء ارتفع، ليس فقط أسعار البنزين بل أسعار المواد التموينية، ما يزيد وضعنا سوءًا أمام قلة التحصيل اليومي، وللأسف الحكومة لا تفعل شيئًا ولا تقدم دعمًا بأي شيء، كما أن المسافات بين رام الله والقرى أصبحت بعيدة، ووزارة النقل والمواصلات لا تنزل لتشاهد معاناة السائق فالتسعيرة البالغة تسعة شواقل من منطقة البلد برام الله للقرى غير كافية".

وعن سبب عرض سيارته للبيع يعلي صوته بلهجة عامية: "مش قادر أصرف على أولادي وأبوي، والشرطة مش راحمة، وشوارعنا لا تصلح للشغل كلها حفر وجور".

على حين ينظر السائق ماهر أبو معاذ بنوع من الخشية أمام ارتفاع أسعار الوقود عالميًّا، فكان لتر السولار في السابق بسعر 4 شواقل، أما الآن فيبلغ سعر اللتر 6.5 شواقل، وهذا أدى لزيادة يومية تبلغ 70 شيقلًا في سعر الوقود مع بقاء أسعار تسعيرة المواصلات ثابتة، تزيد معها معاناته ومعاناة بقية السائقين في حين لا تقوم الحكومة بأي خطوات عملية.

يقول أبو معاذ لصحيفة "فلسطين": "نحن العمال اليوميين إذا عملنا وعدنا بدخل فإننا نعود بلقمة عيشنا لأطفالنا وأبنائنا وإذا لم نعمل فإنهم لا يأكلون، لذلك أيام الإضراب أيضًا ستكون على حساب قوتنا لكننا نصر عليها لإيصال مطالبنا للحكومة".

يقارن بين العمل قبل الغلاء وبعده بأن "السائق كان يعود بنحو 100 شيقل لعائلته، أما الآن فإن رجع بـ60 شيقلًا فإنه يكون أمرًا جيدًا له"، لافتًا إلى أن استمرار هذا الوضع سيدفع السائقين لبيع سياراتهم والعمل بالداخل المحتل، لأن النظام المتعارف عليه بتقسيم الدخل لثلاث جهات (صاحب السيارة، والسائق، والسيارة نفسها) لم يعد يجدي نفعًا، فنصف الدخل يذهب للوقود، على حين يتقاسم السائق مع سائق السيارة النصف المتبقي.

وقدم السائقون مطالب كثيرة لوزارة النقل والمواصلات، من ضمنها زيادة مقعد في السيارة العمومية ذات حمولة سبعة ركاب، لتصبح ثمانية مقاعد لتعويض هذا الفرق في الأسعار والخسائر لكنها رفضت، مستغربًا تجاهل مطالبهم على الرغم من أن السائقين أكثر الفئات التزامًا في دفع ضرائب الترخيص والتأمين أولًا بأول.

من جانبه أعلن مراقب المرور العام في وزارة النقل والمواصلات علي زكارنة، بالضفة الغربية المحتلة، في تصريحات صحفية، أمس، أن مجلس وزراء حكومة اشتية أقر في جلسته الأسبوعية اليوم (أمس) التوصيات التي رفعتها الوزارة واللجنة المكلفة للتخفيف عن أعباء العاملين في قطاع النقل العام.

وقال زكارنة: "إن التوصيات التي أقرتها الحكومة هي تخفيض سعر لتر المحروقات لقطاع النقل والمواصلات في المحافظات الشمالية بقيمة شيقل بدل رفع تسعيرة النقل والمواصلات على المواطن، إلى جانب قرار آخر باستبدال تنزيل المركبات العمومية من داخل أراضي عام 1948 والحصول عليها من الخارج، ضمن آلية محددة وأسعار وطرازات جديدة لم تكُن موجودة سابقًا".