في حين يتصاعد التوتر الإسرائيلي الإيراني بشأن الملف النووي، ورغم الجهود التي بذلتها دولة الاحتلال للحصول على تعهد أمريكي بتوجيه ضربة عسكرية لإيران؛ صدرت جملة مواقف إسرائيلية متناقضة إزاء هذا الموضوع الحيوي.
فما فتئت أوساط إسرائيلية تردد أنه ليس لدى دولة الاحتلال قدرة عسكرية على مهاجمة إيران، وفي الوقت ذاته تؤكد أنها تواجه صعوبة في إنهاء تهديدها النووي بهجوم عسكري، لأنه ليس عمليًّا من الناحية الواقعية، والجميع يعرف ذلك.
دولة الاحتلال تمتلك قدرات هائلة، لكن بسبب بعد المسافات، ومدى الطائرات، وباقي الأسباب المتعلقة بهياكل السلطة فيها هذه الأوساط ليست متيقنة أن لديها ردًّا حقيقيًّا على التهديد العسكري بشن هجوم شامل على جميع المواقع النووية في إيران.
مع ذلك يزعم الإسرائيليون أنه قد يكون لديهم أدوات أخرى في أيديهم تمنع الإيرانيين من امتلاك أسلحة نووية، ويا للمفارقة! فقد دأبت العديد من الجهات الأمنية والاستخبارية لدى الاحتلال على التحذير منذ 2008 من أن الإيرانيين سيمتلكون القدرة النووية، ومع ذلك إننا اليوم في 2022، وليس لديهم تلك القوة النووية، ليس لأنهم لا يرغبون بذلك، بل لأنهم شنت عليهم هجمات إسرائيلية مكثفة خلال السنوات الماضية ضمن إستراتيجية "المعركة بين الحروب".
لعل هذا الإقرار الذي لا يحظى بكثير من الشعبية في أوساط الإسرائيليين يدفعهم للتقليل من حجم الذعر القائم، على اعتبار أن الإيرانيين ليسوا قريبين من قنبلة نووية، في ضوء التنسيق الإسرائيلي مع دول مختلفة، وما تتلقاه دولة الاحتلال من إجراءات ومساعدات في مسعى حثيث لتأخير تقدمهم، ما يؤكد أنها ليست وحيدة في الحملة على إيران، وإن كانت ترى نفسها رأس الحربة المعادية لها، مع ما تحصل عليه من مساعدة أمريكية في تمويل مشاريعها العسكرية التي قد تعينها لتحسين قدراتها الهجومية والدفاعية.
في الوقت ذاته تتحدث أوساط إسرائيلية أخرى بمنطق لعله يكون مغايرًا لما ورد أعلاه، بزعمها أنه عندما تصل نسبة التخصيب لدى الإيرانيين إلى 90٪ فستضطر دولة الاحتلال إلى الهجوم، ما يجعل الإجابة عن السؤال الأساسي المتمثل في قدرتها على مهاجمة إيران هي نعم، ولا ينبغي أن تعتمد حصرًا على الأمريكيين، بزعم أن إيران تجاوزت الخط الأحمر، وحينها ستوصى الحكومة بمهاجمة منشآتها النووية.
مع العلم أن هذا الطرف الإسرائيلي المتحمس لمهاجمة إيران يقرّ بصعوبة إقناع الأمريكيين بالدخول في حرب معها، كما ظهر ذلك خلال زيارة بايدن الأخيرة، لأنهم لن يتوجهوا إلى حرب أخرى بعد انسحاباتهم من أفغانستان والعراق، ما يضع أعباء حقيقية أمام الاحتلال بتنفيذ هجوم انفرادي على إيران.