فلسطين أون لاين

​كيف نبني على انتصار القدس

فرح المقدسيون، وأفرحونا معهم، ومن حقهم أن يفرحوا، وأفرحوا معهم الضفة الغربية وغزة، والـ48، والأردن، وكل العالم العربي والإسلامي؛ لكن ماذا بعد انتصار القدس؛ سؤال مطلوب وبقوة حتى نبني على الانتصار الكبير، ولا يتم تقزيمه أو إضاعته؛ على يد أصحاب فكر الهزيمة والانبطاح.

أولى لبنات البناء على انتصار القدس؛ هي معرفة أن المعركة ذات جولات لم تنتهِ، وأن الاكتفاء والاسترخاء، والنزول المبكر عن الجبل قد يذهب حلاوة النصر، وحتى يواصل الشعب الفلسطيني الانتصارات؛ عليه أن يعرف أن ما حصل هو انتصار في جولة وليس في معركة كسر عظم، مع احتلال يبيت النية للمزيد من المس بالمقدسات والفلسطينيين، ولا يصح إعادة السيف إلى غمده ما دامت المعركة مستمرة.

ثاني لبنات البناء على انتصار القدس؛ هو العمل على ما حققه أهل القدس خلال معركتهم؛ من تلاحم ووحدة في الميدان وتعزيز ذلك على الدوام؛ أجبرت "نتنياهو" على الانكسار، مع عدم إغفال عوامل موضوعية وذاتية ومحلية وإقليمية عززت انتصار القدس.

ثالث تلك اللبنات هو العمل على الثوابت الفلسطينية ومن خلالها والتركيز عليها، كونها حققت ما حققته من هزيمة لكيان الاحتلال، فالمسجد الأقصى هو من وحد المقدسيين ومِن خلفهم الجسم الفلسطيني والعربي، وهو ما زال تحت نير الاحتلال، ووجب العمل ضمن خطة ممنهجة ومدروسة لتفعيله أكثر فأكثر، فالمستوطنون سيدنسونه في الأيام القادمة وقد يكون بأعداد أكثر لتعويض جزء من عنجهية "نتنياهو" وانكساره المهين.

رابع اللبنات؛ هو أن لا نصر دون وحدة واحدة وتوجيه صحيح للبوصلة؛ فكل التناقضات الداخلية تبقى داخلية، ولا بد من النظر وتوحيد الجهود نحو التناقض الرئيس وهو الاحتلال، ولا يصح هدر الطاقات في معارك ثانوية، فأهل القدس كلهم كانوا على أتقى قلب رجل واحد وهو ما سرع في هزيمة "نتنياهو".

خامس اللبنات؛ ثبت أن كيان الاحتلال نمر من ورق؛ ويجبر على الهزيمة ولعقها؛ إن صح العمل المقاوم ضدهم حتى وإن كان سلميًا، ويوجد توافق عليه من الجميع؛ فجميع أنواع المقاومة إن أجيد استخدامها في الوقت والزمان المناسبين؛ تجعل الاحتلال يترنح وهش وقابل للهزيمة والانكسار بكل سهولة.

سادسها؛ أن الاحتلال يعرف ويعلم حق اليقين أن العامل الإسلامي هو من حرك الجماهير؛ كون المسجد الأقصى مكانًا مقدسًا لدى المسلمين، ويعيش في قلوبهم وعقولهم، لذلك يجب أخذ الحيطة والحذر من الهجمات المرتدة والاستعداد لها، والرد عليها بهجوم مضاد مدروس بدقة متناهية، وإلا كسب "نتنياهو" الجولة القادمة.

وأخيرًا؛ كشف الحراك المقدسي البطولي ودفع باتجاه كشف المزيد من الصور الهزيلة، ورفع الغشاوة عن قلوب كانت تتصور أن ذاك وذاك يعملون بجهد وتعب وبحق لأجل المسجد الأقصى، وكشف زيفهم وعراهم، فتنقية الصفوف وغربلتها من أهم أسباب النصر، وهو ما تحقق ببركة المسجد الأقصى وأهل القدس النشامى.