نعلم جيداً أن الإدارات الأمريكية المتلاحقة بجميع ألوانها تتبنى سياسات ثابتة تجاه القضية الفلسطينية هدفها الأساسي حفظ أمن الكيان الصهيوني أولاً، وقد سعى الرئيس الأمريكي بايدن خلال زيارته للمنطقة لإعادة بناء مفهوم الأمن في المنطقة من خلال طرح آرائه الهادفة لإعادة صياغة المنطقة وفق رؤى يضعها اللوبي الصهيوني العالمي ويسوقها للدول المطبعة بصفتها مسلمات وأوامر على شكل نظرية جديدة لتشكيل ناتو ما هو إلا (محور للشيطان) سيخدم مصالح الاحتلال أولًا ولحماية وجوده في مواجهة محور القدس القوي والصاعد الذي يدافع عن الحق الإسلامي ويعمل من أجل التحرر من القوة الاحتلالية في المنطقة، هذا الناتو ورم سرطاني جديد منسلخ عن مصالح الأمن القومي العربي والإسلامي معتمدا على أمن الكيان وتطبيع وجوده عسكرياً من خلال استكمال اتفاقيات أمنية جديدة مع الدول المطبعة فيما تسمى اتفاقية أبراهام لصياغة إجراءات ونشاطات لمحاربة قوى المقاومة التي تعادي الكيان.
إن هذه الزيارة الأمريكية للمنطقة تأتي بعد انكشاف ضعف المنظومات الأمنية والعسكرية الصهيونية في معركة سيف القدس وأن محور المقاومة أظهر فشلها أمام العالم في اختبارات عدة، ومن أجل تعويض اهتزاز هيبة الكيان في المنطقة وإعطائه هالة كاذبة من القوة، ومحاولة متأخرة وفاشلة لتسليم قيادة منطقة الشرق الأوسط إلى دولة الكيان من خلال تكبيل الدول المطبعة بعقود ومعاهدات من أجل استنساخ حلف شيطاني جديد يخدم المصالح الإمبريالية الصهيوأمريكية لتعميق التبعية العربية للولايات المتحدة وزيادة اختراق الأمن القومي العربي في استدراج الدول المطبعة لدمج الكيان معها، أن ما يحدث الآن من أهم المخاطر التي باتت تهدد المنطقة على حساب تفتيت الأمة الإسلامية بصراعات ضد قوى المقاومة وضد أعداء أمريكا الجدد ومحاولة شيطنة إيران وإخافة قادة التطبيع لينحدروا في مستنقع أعمق وأعمق، ما سيمهد للتخلي الدول المطبعة عن حقوق الشعب الفلسطيني لصالح تبني فكرة أن الكيان دولة يهودية وهو ما حاول (إعلان بايدن-لبيد) الصهيوأمريكي رسمه بأن أمريكا تتعهد بضمان أمن الاحتلال وتقديم الدعم المالي للحفاظ على وجودها وهو إعلان من لا يملك لمن لا يستحق، فلسطين أرض محتلة وكما تحررت فيتنام وأفغانستان ستتحرر فلسطين بالمقاومة ولن ينال المحتل ومن يساعده إلا لعنة التاريخ.
كما لا يجب أن نغفل عن الانهزامات الأمريكية المتتالية دولياً وإقليمياً وانسحابها وتركها حلفاءها، وأن النجاح مؤخرا بكسر سياسة القطب الواحد الذي يتحكم بالقرار الدولي المتمثل في الولايات المتحدة ولمواجهة هذه السياسات الاستعمارية الموجهة ضد المنطقة عموماً والمقاومة خصوصاً يجب التحالف مع القوى التي تخدم مصالح الأمة والأمن القومي العربي حالياً من قوى المقاومة في محور القدس وفي صعيد آخر من الأهمية لنا أن نستفيد من المحور الروسي الإيراني الصيني الصاعد في مواجهة الهيمنة الأمريكية التي تقترب من الزوال والانهيار، وهذا ما استنبطه اقتصاديون كبار في العالم أن الاقتصاد الأمريكي يسير نحو الهاوية والانهيار بفعل السياسات الخطأ والمتراكمة التي ترتكبها الإدارة الأمريكية.
إن تعويل السلطة على هذه الزيارة كان وما زال رهاناً خاسراً، وهو ما كشفه الرئيس الأمريكي بلسانه حين قال إن حل الدولتين بات صعب المنال، وهذا يظهر أن الإدارة الأمريكية غير معنية بقيام أي دولة فلسطينية، في انحياز واضح للاحتلال على حساب الحق الفلسطيني وأن النظرة الأمريكية لهذه الزيارة فيما يخص السلطة هي مجرد زيارة بروتوكولية، فهناك قضية اغتيال الاحتلال الصحفية شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية، وقتلت في جنين، يحاول المسؤولين الأمريكيين طمس هذه الجرائم بتحقيقات صورية لأن الفاعل هو الاحتلال.
إن الوضع السياسي اليوم يتطلب من القيادات الوطنية والقوى السياسية رفض كل الخيارات الصهيوأمريكية، والعودة إلى الوحدة الوطنية الحقيقية من خلال انتخابات شاملة ومصالحة حقيقية لمواجهة المخاطر الحقيقية التي باتت خطيرة تهدد حقوقنا المشروعة، ورص الصف الفلسطيني وتبني خيار المقاومة باعتباره الخيار الحقيقي لشعبنا لاستعادة حقوقه.