قال الرئيس الأميركي جو بايدن: "خيار حل الدولتين هدف بعيد جدًا" هذا القول جاء خلال زيارته إلى بيت لحم والتي سبقها بزيارة الكيان الصهيوني حيث تمَّ استقباله رسميًا بمطار بن غوريون في13يوليو ضمن جولة له تستهدف منطقة الشرق الأوسط وتنتهي بالسعودية بلقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبعدها ستُعقد قمة خليجية أمريكية في جدة تضم قادة مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
أتت زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن بعد أن اجتمع برئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ ورئيس الحكومة الحالية يائير لابيد، والذي وقَّع معه الاتفاق الأميركي الإسرائيلي تحت مسمى إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية، توقيع الاتفاق يعتبر بمثابة عدوان وتآمر على الشعب الفلسطيني وحقوقه؛ خاصة وأنّ زيارة الرئيس الأميركي الأساسية للمنطقة تهدف إلى دعم الاحتلال الصهيوني وتثبيت مقومات وجوده ودمجه في المنطقة العربية من خلال تشكيل حلف عربي يقف على رأسه الكيان الصهيوني.
زيارة الرئيس الأمريكي مدينة بيت لحم واجتماعه برئيس السلطة محمود عباس فيها يدل على تهميش الإدارة الأمريكية لدور ومكانة رئيس السلطة والذي لم يستطع اختيار مكان آخر له رمزية ودلالة للاجتماع فيه سواء كان القدس أو رام الله مقر المقاطعة، وهذا يُشير إلى انعدام تأثيره وضعف حضوره، ومع ذلك أعلن عن استعداده لصنع ما سماه "السلام" مع (إسرائيل) المحتلة لأرض فلسطين ومُقدساتها والتي تُمعن في قتل المدنيين الأبرياء وتُواصل جرائمها بحقِّ أصحاب الأرض والهوية الفلسطينية، ولعلّ أبرز الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني التي تدعمها الإدارة الأمريكية، اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة، والتي تحمل الجنسية الأمريكية، ورغم ذلك ظهر بوضوح تواطؤ هذه الإدارة مع الكيان الصهيوني وتجاهلها ملف التحقيق بشأن اغتيالها عندما كانت تغطي اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين في 11 مايو الماضي.
التصريح والتأكيد من الإدارة الأمريكية على مسألة حل الدولتين واعتباره بعيد جدا يأتي بشكل واضح، ومع كل ما تقدّم لا تزال سلطة محمود عباس تلهث خلف وهم وسراب ما يسمّى "حل الدولتين" الذي يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا اقترب منه ورأى بأمِّ عينه فحواه المُضلل وما يحتوي داخله من ادّعاء ومراهنة على مكاسب سياسية خاسرة تأكّد له وبما لايدع مجالًا للشك بأنّها أوهام قديمة جديدة لم يطرأ عليها كسياسات أمريكية أي تغيير يُذكر سوى زيادة عمر الاحتلال لفلسطين وتأكيد الحفاظ على أمنه واستقراره في المنطقة، ولقد بات من المُتعارف عليه بأنّ زيارات الرؤساء الامريكيين متغيرة بالشخصيات فقط؛ أما الحديث عن حل الدولتين بالنسبة لهم أمر ثابت ويبقى مجرد أسطوانة مكررة لاتعود على الفلسطينيين بشيء يذكر سوى مزيد من التهميش للقضية الفلسطينية وثوابتها المُقدَّسة في مقابل مواصلة واستمرار الولايات المتحدة الأمريكية الانحياز للكيان الصهيوني وتدعيم وجوده في المنطقة العربية.
أخيرًا زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنطقة الشرق الأوسط تأتي في ظل متغيرات وتعقيدات سياسية ومستجدات متعلقة بالشأن الدولي والإقليمي لا سيما الحرب الروسية الأوكرانية والتي تصاعدت وتيرة التصريحات الدولية والغربية على إثرها في عهد الرئيس بايدن والذي قابل تلك المتغيرات والتعقيدات السياسية بزيارته وللمرة العاشرة "لإسرائيل" منذ بدء مسيرة حياته السياسية عام 1973 حينما كان عضوًا بمجلس الشيوخ الأمريكي وعليه يعتبر سابع رئيس يزور (إسرائيل) ويحاول خلال زيارته تحقيق مصالحه مع حلفائه في المنطقة لمواجهة قوى عظمى أخرى متمثلة بروسيا والصين، ويبقى التساؤل الأبرز يطرح نفسه عن ما بعد زيارة جو بايدن للمنطقة والرهانات الخاسرة عليها وكيف سيتغير شكلها إزاء تشكيل حلف الشرق أوسط الجديد؟