فلسطين أون لاين

"أسد الأقصى" واحد من (13) جثمانًا تنتظر الاحتضان الأخير

...
الشهيد مصباح أبو صبيح - أرشيف
القدس المحتلة- غزة/ هدى الدلو:

ينفتح جرح العائلة مجددًا في كل مرة يشاهدون فيها جنازة شهيد تمر من أمام بيتهم، فمنذ تشرين الأول (أكتوبر) 2016 يحتجز الاحتلال جثمان والدهم، ولا يعرفون أفي مقابر الأرقام هو أم يحتجز في ثلاجات الموتى، لتعيش الأسرة وجعَي الفقد والحرمان من المرور بقبره.

رولا جمعة أبو صبيح زوجة الشهيد مصباح أبو صبيح تقول لصحيفة "فلسطين": "نحن في معاناة منذ يوم استشهاد مصباح، واحتجاز الاحتلال الإسرائيلي جثمانه، وعدم إفصاحه عن مكانه، وأملنا أن يأتي يوم احتضان جثمانه وتوديعه".

ومنذ 2016 يحتجز الاحتلال جثمان أبو صبيح ضمن جثامين 13 شهيدًا مقدسيًّا محتجزة، لتعيش زوجته وأبناؤه الخمسة في ترقب لحضن أخير حتى لو كان باردًا، ولكنهم يعلمون أن مشاعرهم ستصل إليه.

وفي التاسع من أكتوبر 2016 نفذ أبو صبيح عملية إطلاق نار في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، بعد اشتباك مسلح مع شرطة الاحتلال الخاصة، أدت إلى مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة ستة آخرين.

وبصوت باكٍ تتابع رولا حديثها: "سنحاول أن نتحسس ملامحه بعد هذه السنوات الطويلة، ولا شك ستكون قد تغيرت بفعل الثلاجات".

مشاعر الحزن تتملك عائلة أبو صبيح، إذ لا يعرفون مكان جثمانه، تضيف: "ونأمل كأي عائلة محتجز جثمان ابنها استرداده ودفنه كما يليق به، أدرك أن الأمر صعب وموجع وسيفتح الجرح مجددًا، لكن ذلك يعد راحة لنا وله، إذ نجد له قبرًا".

وتبين رولا أن الجرح لديها ولدى أبنائها وأقاربه يتجدد مع وفاة أي شخص ودفنه، قائلة: "ما ذنبنا أن نعيش كل هذا العذاب والوجع؟!، نأمل أن تكون جنازة لمصباح ليهدأ بالنا، ويتجدد لدينا الأمل عند تسليم الاحتلال جثمان أي شهيد، أن يكون جثمان مصباح القادم".

ووالدا مصباح متأثران كثيرًا باحتجاز جثمانه حتى هذا اليوم، ويلهج لسانهما بالدعاء دائمًا بطول العمر حتى وداعه ودفنه، وبعدها ليأخذ الله أمانته.

وعقب استشهاده واجهت عائلته سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية، تمثلت بالملاحقات والتنكيل والاعتقالات، وأغلق الاحتلال منزله في حي كفر عقب وهدم جدرانه الداخلية، وأيضًا أغلق محلاتهم التجارية في بلدة الرام عدة أسابيع.

لا بهجة للعيد

وكان مصباح العمود الأساسي في البيت، القريب والصاحب لزوجته وأولاده، لا يغيب عن بالهم في كل مناسبة حزن أو فرح تعيشها العائلة، وباستشهاده ترك أثرًا كبيرًا وفراغًا، حتى بات الاحتلال مستهدفًا لأبنائها منذ صبيحة يوم استشهاده حتى اليوم، باعتقالهم، وتنغيص حياتهم عليهم.

وتستكمل حديثها: "مع قدوم العيد الذي لا بهجة له ولا طعم بغياب مصباح عن البيت نفتقده هذه الأيام، فكان دائمًا مشمرًا ساعديه في تجهيز وجلب الأغراض الخاصة بالعيد لأجل إدخال الفرحة على أبنائه وعائلته، ويشتري الهدايا والألعاب لهم، التي مع أنهم أصبحوا شبابًا لا يزالون محافظين عليها، رغم هدم الاحتلال البيت".

وكان مصباح مع حلول أي عيد يصطحب زوجته وبناته إلى صلاة العيد، ليدخل الفرحة على قلوبهن وليعشن أجواءه.

وتستذكر زوجته: "كثير من المواقف الجميلة عشناها مع مصباح، حتى إنه في شهر رمضان كان هو المسئول عن صب وإعداد القطائف، والفطائر".

وتطالب عائلة الشهيد مصباح بتسليم جثمانه، لتشييعه بجنازة تليق به وبمكانته بين أهل القدس، ورفع ملف جميع الشهداء للجهات المختصة وللمحاكم الدولية، لأن احتجاز الجثمان جريمة، داعية الفلسطينيين إلى التحرك بخصوص ملف الجثامين.

يعد الشهيد أبو صبيح علمًا من أعلام القدس، ويطلق عليه "أسد الأقصى"، بسبب شدة حبه للمسجد الأقصى ودفاعه عنه، ووقوفه في وجه ممارسات الاحتلال وانتهاكاته بحق المدينة المقدسة.