فلسطين أون لاين

بالصور بلمسات أنثوية.. وفاء الصوص تقتحم سوق الهواتف الذكية

...
وفاء الصوص
الخليل-غزة/ مريم الشوبكي:

تعطل هاتف وفاء الصوص الذكي، فتوجهت إلى أحد محلات تصليح الهواتف الخلوية، وكعادتهم أمهلها أسبوعًا لكي تعود وتتسلمه، حينها عقدت حاجبيها متعجبة "ليش أسبوع ما بياخد إصلاحه خمس دقايق"، صدم العامل من كلامها مستنكرًا "انتي بتفهمي فيهم؟".

كانت وفاء (32 عامًا) وقتها قد أنهت دبلوم صيانة أجهزة خلوية، ولكنها لم تمارس المهنة بعد، أخذت هاتفها وعادت إلى البيت، لذلك قصدت أحد محلات الصيانة في بلدة دورا إلى الجنوب الغربي من مدينة الخليل حيث خضعت لتدريب عملي لما تعلمته في الدبلوم.

بعد خمسة عشر يومًا من التدريب تمكنت وفاء من افتتاح محل خاص بها لصيانة الهواتف الخليوية، وها هي اليوم أشهر فنية في دورا.

وفاء الصوص - صيانة جوال (7).jpeg
 

لم تكن نظرة المجتمع تجاهها عائقًا أمام امتهان تصليح الهواتف الذكية التي هي في العادة حكر على الرجال، فكم من ضحكة "صفراء" تلقتها من الرجال كلما قصدوا محلها، حينما كانوا يسألون عن صاحب المحل فترد هي "أنا صاحبته"، فيطلقون ضحكات الاستهزاء ويدورون ظهروهم مغادرين المحل.

أمضت وفاء 12 عامًا في مهنة تصليح الأجهزة الذكية، وهي أم لثلاثة أطفال، هم سندها وداعمها الأساسي للمضي قدمًا في عملها، بجانب والدها مصدر قوتها وثقتها.

تقول لـ"فلسطين": "في المرحلة الأولى لافتتاحي المحل لم يدخل المحل أي زبون، كان الحزن يتملكني وكدت أن أيئس ولكن والدي كان دائمًا يسألني هل أنت مؤمنة بنفسك وقدراتك، لا تيئسي ستنجحين ولكن اصبري".

وفاء الصوص - صيانة جوال (6).jpeg
 

ورغم أن والديها كانا يعارضان دخولها هذا المجال باعتباره مهنة خاصة بالرجال وهي ستكون المرأة الوحيدة التي ستمارس مهنة تصليح الهواتف الذكية في الخليل، فإن إصرارها وإرادتها مكنتها من تحقيق حلمها بأن تصبح فنية لإصلاح الهواتف الذكية.

استطاعت وفاء أن تثبت جدارتها بتعلمها السريع للفنيات والتقنيات الحديثة المستخدمة في معدات الصيانة، ولم تكتفِ بالمعلومات التي تلقتها في الدبلوم المهني، بل واصلت التعلم من خلال التجربة والخطأ، والإصرار على إصلاح العطل حتى لو لم يكن لديها خلفية مسبقة عنه.

وتضيف: "رويدًا رويدًا استطعت بناء الثقة بيني وبين الزبائن على حد سواء الرجال والنساء وهم الفئة الأغلب التي تتردد علي، ولكن الرجال أيضًا يقصدونني بإصلاح هواتفهم وهواتف زوجاتهم أيضًا".

وفاء الصوص - صيانة جوال (3).jpeg
 

وتقول وفاء إن بناء الثقة يعتمد على العامل الزمني وذلك بإصلاح الهواتف على الفور، "فلا أؤجلها كما يفعل أصحاب المحلات الأخرى، أقوم بإصلاح العطل دون الاطلاع على محتوى الهواتف، وإذا اضطررت لذلك أفعلها بوجود صاحب أو صاحبة الهاتف للاطلاع على كل شيء أفعله".

وعن أكثر الصعوبات التي واجهتها وفاء بداية عملها في إصلاح الهواتف الذكية، تجيب الصوص: "النظرة الدونية تجاه عمل المرأة خاصة مجال عملي، فالمجتمع يعدُّني أنني أخالف عاداته وتقاليده بأنها مهنة الرجال فقط، ونظرات الاستهزاء، والانتقاد اللاذع والهدام بأن المرأة دائمًا أقل مهارة ومعرفة ودراية في هذه المهنة".

اليوم صار اسم "وفاء" معروفًا ليس في الخليل فقط، بل يقصدها زبائن من مختلف محافظات الضفة الغربية، والقدس المحتلة، وحتى الأراضي المحتلة عام 48م، فالسرعة في إنجاز عملها وأمانتها في عدم التلصص على خصوصياتهم من خلال الاطلاع على محتويات الهاتف.

وفاء الصوص - صيانة جوال (8).jpeg
 

وتطمح وفاء إلى توسعة مشروعها، وافتتاح فرع جديد لمحلها في منطقة أخرى غير الخليل، لاستقطاب زبائن أكثر وزيادة دخلها المادي.

وتختم حديثها برسالة لكل السيدات: "لديك موهبة أو شغف أو حلم تطمحين إلى تحقيقه، اسعي بخطوات جادة فيه، لا تيئسي، وصمي آذانك عن كلمات الانتقاد اللذع، والإحباط فالناس لن تتوقف عن فعل ذلك، واستسلامك لكلامهم لن تجني منه إلا الضعف والبقاء مكانك، ولن تحققي النجاح في حياتك، بل لاحقي شغفك حتى النهاية".