28 يوليو/ تموز 2017، تاريخ لن تنساه عائلة قطاقطة بعد اليوم، بدا كل شيء عاديًا كما في كل جمعة، وما إن أشارت عقارب الساعة إلى العاشرة صباحًا قال عبدالله (24 عامًا) مخاطبًا شقيقه "إبراهيم": سامحني يخو.
استعجب إبراهيم طلب شقيقه، سيما أنه قد جاء بعد ليلة هادئة أمضياها معًا: "على ايش أسامحك.. ايش سويت أنت؟".
كرر عبد الله طلبه: "سامحني بس..."، فما كان من إبراهيم إلا أن أجاب: "روح الله يسامحك.."، وقبيل أن ينتهي مجلسيهما سأل الشهيد شقيقه إن كان بحاجة إلى أي شيء قبل أن يذهب ليحضر نفسه لأداء صلاة الجمعة.
صلى عبد الله قطاقطة الجمعة في مسجد قريته "مراح معلا" جنوب بيت لحم، وما إن انتهت الصلاة حدثه ابن عمه: "ايش رأيك اليوم تتغدى عندي"، فرد عليه عبد الله: "اليوم بديش اتغدى"، عائدًا أدراجه إلى منزله حيت تجتمع العائلة لشواء بعض اللحوم، وعلى غير العادة طلب من والدته أن ترضى عنه.. استعجبت "أم أحمد" من طلبه وتساءلت باستنكار المحب: "ليش أرضى عنك؟ .. أنا رضيانة عنك يما"، فأصرّ على طلبه، وبحنو الأم على ولدها أطربت أذنيه بكلمات الرضا، وما لبث أن مضى في طريقه مغادرًا المنزل بعد أن أخبرهم بأنه لن يتناول طعام الغداء.
استقل عبدالله مركبة سارت به مسافة 16 كيلو متر حتى وصل مفرق "غوش عتصيون" الاستيطاني جنوب بيت لحم، وعلى بعد 20 مترًا من جنود الاحتلال على المفرق، ارتقى "عبد الله" شهيدًا بعد أن تم إعدامه ميدانيًا برصاص جنود الاحتلال.
سرعان ما تم تداول اسم الشهيد على وسائل الإعلام المحلية حتى وصل عائلته، حاول إخوته الاتصال على هاتفه الخلوي دون إجابة، وما هي إلا لحظات حتى اتصل ضابط من جنود الاحتلال على "أحمد قطاقطة" هو آخر شخص تحدث إليه "عبدالله"، طالبًا منهم المجيء إلى للمفرق للتعرف إليه بدعوى أن شقيقهم حاول تنفيذ عملية طعن.
غادر أحمد وبعض إخوته، وحينما وصلوا الحاجز دار الحوار التالي الذي بادر به ضابط الاحتلال مبررًا سبب الإعدام في ادعائه.
الضابط: شقيقكم كان يحمل سكينًا وجاء على موقف الحافلات محاولًا تنفيذ عملية طعن فأطلق أحد الجنود النار عليه.
أحمد بعد أن شاهد الدماء تغطي جسد شقيقه: "إذا كان يريد تنفيذ عملية طعن فهناك أكثر من طريقة للسيطرة عليه دون الإعدام".
حديث الشقيق الأكبر للشهيد مع ضابط الاحتلال لم ينتهِ.
- أنتم تختلفون عن كل البشر في المعاملة؛ لا تتعاملون بإنسانية أنتم فقتم البوذيين في اعتداءاتكم.
وقعت تلك الكلمات على مسمع ضابط الاحتلال كالصاعقة، وبدت علامات الغضب على وجهه قاطعًا الحوار الذي استمر ربع ساعة مع "أحمد" طالبًا الحديث إلى شخص آخر من أفراد العائلة.
ولاحقًا جاء منسق الاحتلال بمنطقة "عتصيون" يخبرهم أن تسليم الجثمان لن يكون الجمعة أو السبت، مع احتمالية أن يسلمه الاحتلال للعائلة غدا الأحد.
ترابط مجتمعي
وما إن أعلن عن نبأ استشهاد "عبدالله قطاقطة" حتى وفدت جموع المعزين من كل القرى المجاورة لقريتهم، وعلى إثر ذلك، نشر جيش الاحتلال أعدادا كبيرة من وحدات "المشاة"، والكلام لشقيق الشهيد، في المنطقة تحسبًا لأي مواجهات أو ردود فعل على الجريمة التي ارتكبها الاحتلال.
وعبد الله عامل بناء منذ أكمل تعليمه الثانوي، وعرف عنه التواضع، وحب فعل الخير، ومساعدة الناس، والالتزام بأداء الصلاة في المسجد.
خالد أبو شقرة رئيس مجلس قروي "مراح معلا" عدّ في تصريح لصحيفة "فلسطين"، ما جرى عملية إعدام بدم بارد، مشيرًا إلى أن ادعاء الاحتلال بأن عبد الله حاول تنفيذ عملية طعن "تبرير للجريمة".
واستنكر أبو شقرة، انتهاكات الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني من قتل وتشريد والسيطرة على الأراضي الفلسطينية، مشيدًا بأخلاق الشهيد وعلاقته الاجتماعية الحسنة في القرية.