لو تابعنا ردود الأفعال الصهيونية تجاه الخطابات العربية الرسمية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية سنجدها باردة وهادئة، لأن القادة الصهاينة "عارفين الطبخة"، وأن ارتفاع وتيرة التهديدات في الخطابات لا يعني تحويلها لواقع عملي، لذلك نراهم "حاطين في بطنهم بطيخة صيفي".
لكن هذا الهدوء في ردود الأفعال لا يحضر حين تكون المقاومة صاحبة الخطاب، لأن دولة الاحتلال تدرك أن المقاومة الفلسطينية تترجم خطاباتها لأفعال، لأنها تؤمن بـ"ما حك جلدك مثل ظفرك"، وشعارها في ذلك أن الصدق من أهم معايير القوة لذلك يحسب لها العدو الحساب.
مؤخرًا خرج الناطق الرسمي باسم كتائب القسام أبو عبيدة في تغريدة يؤكد بأن تدهورًا صحيًا طرأ على صحة الأسير الصهيوني لديها هشام السيد، وأن الكتائب ستنشر فيديو يؤكد ذلك.
هذه التغريدة القليلة المباني والعظيمة المعاني، ورغم قلة عدد كلماتها وفق رؤية تويتر، قامت مقام ألف خطابٍ رسميٍ عربيٍ لأن الاحتلال يعرف أن المقاومة صادقة، بل إن المجتمع الصهيوني يصدق إعلام المقاومة أكثر مما يصدق إعلامه، فتفاعلت معها دولة الاحتلال بكل عناصرها ومكوناتها السياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية.
رأينا الفيديو، ومن المؤكد أن نشره ليس عملًا ارتجاليًّا، أو إنه بلا معانٍ، بل إن التاريخ يؤكد أن كل حركات التحرر نجحت، لأنها أبعدت عملها عن العشوائية، وأن النظام والتخطيط هما سيدا الموقف.
رسائل القسام من فيديو هشام:
1- من ناحية الزمن، فالكل يدرك أن دولة الاحتلال تعيش أوضاعًا سياسية غير مستقرة، وهذا الفيديو زاد عدم استقرارها، ووضعت الرجل الجديد الذي سيقود الدولة في اختبار حقيقي.
2- إظهار الأسير بهذه الصورة يؤكد حرص الكتائب على صحة الأسرى لديها، وأنها تعاملت وفق الشريعة الإسلامية رغم أن دولة الاحتلال تعامل الأسرى الفلسطينيين لديها معاملة سيئة خاصة فيما يتعلق بالعلاج.
3- نشر الفيديو يأتي في وقت تخلو الساحة السياسية من وفود وزيارات رسمية لغزة وهي دعوة الدول والمنظمات لتحريك ملف الأسرى.
4- نشر الفيديو قبيل زيارة بادين للمنطقة يؤكد أن على أمريكا أن تنظر بعين العدالة للناس وتكف عن دعمها المطلق للظلم الصهيوني على حساب حقوق الآخرين.
5- رسالة للأسرى وذويهم وللشعب بأن لدى المقاومة ما يشرح صدورهم.
6- رسالة للمجتمع الصهيوني بأن انظروا كيف سيتعامل قادتكم مع قضية هشام كي تعرفوا أن التمييز الطبقي موجود بقوة في أجندة الساسة الصهاينة، فليس كل من سكن دولة الاحتلال ودافع عنها هو يتلقى نفس الاهتمام، فاللون والطبقة والمنشأ لهم دور في طبيعة ومستوى الاهتمام.
عندي سؤال، لنفترض أن الضابط "هدار جولدن" أو "شاؤل آرون" اللذين أسرتهما الكتائب على قيد الحياة وتعرضا لما تعرض له هشام، هل ستنشر الكتائب فيديو عنهما؟
إجابتي المتواضعة لا، لأنهما أُسِرا بطريقة معقدة وأحدثت ضجة وإعجابًا عند الصديق والعدو، ثم إنهما كان مقاتلين، ونشر أي معلومة عنهما يجب أن يكون مقابلَها ثمن كبير.
أخيرًا: وجب علينا الافتخار بأن لدينا مقاومة تدير الصراع مع الاحتلال على جبهات عدة بكل اقتدار ومسؤولية، عيونهم لا تنام، وأياديهم على الزناد لأنها تتعامل مع عدو لا أمان له والمكر والخديعة من ديدنه، فاعتبروا يا أولى التطبيع.