تزداد التقديرات الإسرائيلية أن الحملة الانتخابية المبكرة الخامسة المقبلة ستكون مختلفة، وأكثر إثارة للاهتمام مما عرفوه حتى الآن، دون أن تتوافر العوامل التي ستجعلها الفصل الأخير في الدراما السياسية الحالية المستمرة منذ أربع سنوات، مع وجود فرضية آخذة بالتعزز، مفادها أن الكنيست القادم سيكون أكثر أيديولوجية بكثير من ذي قبل.
في الوقت ذاته من المتوقع أن يبدأ جميع المتنافسين، كما جرت العادة، باستعراض عضلاتهم الحزبية، ولعب الأدوار السابقة نفسها، وإظهار أن لديهم من الحسابات التي تمنحهم الفوز الساحق على سواهم، لكن كل هذا سيبقى في طور الدعاية الانتخابية، ليس أكثر.
وفي غمرة هذا التنافس السياسي والاستقطاب الحزبي يستعيد الإسرائيليون -ولو لحظات عابرة- تلك النهاية المأساوية لحياة إيهود باراك السياسية حين تنافس أمام أريئيل شارون في 2001، واليوم قد لا يكون مفاجئًا أن تكون ذات النهاية السياسية تنتظر نفتالي بينيت، وربما أكثر مرارة من ذلك.
صحيح أن يائير لابيد سيدخل مكتب رئيس الحكومة خلال الساعات القادمة، لكن يمكن القول بكثير من الثقة إن الحملة الانتخابية الخامسة بدأت اليوم، وسيكون أمام الإسرائيليين أكثر من 120 يومًا للذهاب إلى صناديق الاقتراع، وسيشهدون 18 أسبوعًا من التسمم السياسي والحزبي، مع تباين التوقعات بشأن قدرة بنيامين نتنياهو على الاقتراب أكثر من أي وقت مضى إلى الرقم السحري 61 الذي يمكنه من تشكيل حكومته الجديدة.
أيًّا كانت نتيجة الانتخابات القادمة، فمن الواضح أننا سنشهد في الحملة الانتخابية التي ستنطلق قريبًا الكثير من التغييرات، والمزيد من الوجوه الجديدة، خاصة عقب الانتهاء من الانتخابات التمهيدية (البرايمرز)، في مختلف الأحزاب الإسرائيلية، مع فرضيات أخرى تتعلق بإمكانية إعلان اتحاد أكثر من حزب في قائمة مشتركة، أو اندماج حزبين وأكثر في حزب واحد، وربما حدوث انشقاقات داخل بعض الأحزاب، كل شيء متوقع، من يعلم؟
وسط كل هذه الحرب الطاحنة بين الإسرائيليين هناك جبهات تشتعل حولهم، تأبى الهدوء، ما يطرح تساؤلات عن مدى الحيز الذي ستحظى به للتعامل معها، سواء الملف الإيراني أم الفلسطيني واللبناني، وإلى أي حد سيستطيع لابيد أن يضع مصلحة الدولة أولًا وعينه في الوقت ذاته تتطلع إلى البقاء في مقعد رئيس الحكومة بعد نوفمبر القادم.
مفاجآت كثيرة تنتظر الإسرائيليين والفلسطينيين في الانتخابات المقبلة، ربما لن تقتصر عواقبها على المشهد الإسرائيلي الداخلي فحسب، إذ إن إعلان حل الكنيست، والدعوة لانتخابات جديدة لم تكن أسبابه إسرائيلية بحتة، ما يعني ألا تكون نتائج الجولة الانتخابية المقبلة إسرائيلية بحتة، بل ستترك تأثيراتها على المحيط الإقليمي لدولة الاحتلال.