منذ بضعة شهور لاحظت تراجع القوة الشرائية والحركة التجارية في الضفة الغربية وفي المدينة التي أسكنها، في الأسابيع الأخيرة كثر الحديث عن تراجع الأعمال في غالبية المجالات، البقال واللحام وبائع الخضار وحتى الحلاق، كلهم يشكون من تراجع أعمالهم ويسألون إلى متى سيتسمر الحال وهل سيأتي ما هو أسوأ من ذلك؟
أنا أعتقد وبكل أسف أن الأسوأ قادم من الناحية الاقتصادية، فالأوضاع في تراجع منذ سنوات وليس فقط في الأشهر الأخيرة، التراجع بدأ منذ أصبحت ميزانية الحكومة تعتمد كثيرًا على جيوب المواطنين وليس على مشاريع اقتصادية تخصها ولا على الدول المانحة كما كان في عهد السلطة الذهبي الذي يبدو أنه ولى إلى غير رجعة. قبل تفاقم الأزمة المرتبط بالغلاء العالمي للأسعار قلت إن الحكومة لا يمكنها الاعتماد طويلًا على المواطنين لأن قدرتهم على الاستمرار محدودة، وبما أننا دخلنا مرحلة أسوأ من سابقتها بسبب الغلاء الفاحش فإنني أعتقد أن المواطن لن يستطيع الصمود أكثر من بضعة أشهر.
بالأمس سمعنا أنه تم رفع رسوم تتعلق بالمحاكم والتقاضي وما شابه، ومنها ما تضاعف خمسة أضعاف، أي ما كان بـ500 دينار أصبح بـ2500، وهذا مؤشر خطير جدًّا، والأصل أن يكون التقاضي مجانًا فإذا أصبحت تكاليفه عالية سيرتد سلبًا على المجتمع، وهذا يعني أن الحكومة مخنوقة وقد تلجأ إلى ما قد يلحق الضرر بالمجتمع من أجل إنقاذ نفسها من الأزمة الاقتصادية، وهذا سيفاقم معاناة المواطنين، ويقصر مدة صبرهم وتحملهم، أي إن الأمر لا يبشر بخير على الإطلاق.
أمام هذا الوضع المخيف لا بد من دق ناقوس الخطر، لا بد من مواجهة ما هو قادم، وعلى القيادة الفلسطينية وقادة الفصائل وكل من هو صاحب مسؤولية أن يتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا بد من جهود حقيقية بالاتجاه الصحيح، إذ لم يتبقَّ أي وقت لإضاعته فيما لا يفيد الشعب ويخدم مصالحه، وقد يظن البعض أنني مخطئ وأسأل الله أن أكون كذلك رغم أن كل المؤشرات تفيد بأن الأشهر القادمة ستكون الأكثر صعوبة من الناحية الاقتصادية وما يترتب عليها من مضاعفات.