فلسطين أون لاين

​الطفل عيساوي.. فقأ الاحتلال عينه فأهداها " للأقصى"

...
الطفل طارق عيساوي يتلقى العلاج بعد أن فقد عينه اليمنى
القدس المحتلة / غزة - أدهم الشريف

لم يصبر الطفل طارق عيساوي كثيرًا أمام اعتداء وتنكيل قوات الاحتلال الإسرائيلي بالمواطنين الفلسطينيين بعد أن حالت دون وصولهم للصلاة في المسجد الأقصى بوضع بوابات إلكترونية على مداخله.

واندفع طارق البالغ من العمر (16 عامًا)، بقوة نحو المسجد المبارك، كما آلاف الفلسطينيين الذين تحدوا الاحتلال ورفضوا بواباته أو الدخول عبرها للوصول إلى الأقصى.

في بيت عائلة الطفل _الكائن في بلدة العيساوية بمدينة القدس المحتلة_ كان الجميع يبحث عن طارق ذلك الطفل الذي خرج دون استئذان من أحد، لرفض انتهاكات الاحتلال بطريقته الخاصة.

لكن طارق صاحب الابتسامة الجميلة دومًا، لم يكن يعلم أن خروجه لنصرة الأقصى سيجبره على التضحية بجزء نفيس من جسده هذه المرة.

"مرت بضع ساعات على غياب طارق عن البيت.. سألنا عنه ولم يفدنا أحد بمكانه" قالت جدة الطفل، أم سامر عيساوي.

طال انتظار الطفل، ومع ذلك زاد توتر عائلته التي كانت تتابع جمعة الغضب _21 يوليو/ تموز 2017_ والمواجهات العنيفة في محيط المسجد الأقصى واستخدمت خلالها قوات الاحتلال أسلحة متنوعة لقمع المقدسيين.

وتضيف الجدة لـ"فلسطين": علمنا بعد ساعات أن طارق أصيب؛ وهو في المستشفى الآن يتلقى العلاج بعد إصابته برصاصة إسرائيلية (طلقة معدنية مغلفة بالمطاط).

"في البداية؛ لم نكن نعلم نوع الإصابة أو مكانها.. هرعنا إلى المستشفى فوجدنا وجه طارق مليئًا بالدماء".

بدت أم سامر متحفظة أثناء حديثها عن قصة الطفل، وتدرك أن قوات الاحتلال التي أصابته بطلقة مطاطية ممكن أن تقتحم المستشفى (تحفظت على ذكر اسمه) في أي لحظة وتعتقله وتزج به في سجونها وهو جريح.

وأضافت "قوات الاحتلال لم تكتفِ بإصابة العشرات خلال المواجهات وقامت باعتقالهم وهم جرحى ينزفون الدماء".

ويثبت احتجاز جثامين شبان فلسطينيين لدى الاحتلال بعد إطلاق النار عليهم وقتلهم، ما تقوله جدة الطفل وهي والدة لـ 3 أسرى معتقلين خلف قضبان الاحتلال.

وحاول الأطباء التخفيف عن الطفل، فأبلغوه أن إصابته عادية، وأنه سيتماثل للشفاء قريبًا، قبل أن يخبره أحدهم أخيرًا أن الطلقة التي أطلقها جنود الاحتلال وأصابت وجهه فقأت عينه اليمنى. صمت الطفل قليلاً من هول الصدمة؛ قبل أن يقول: "عيوني فدا الأقصى".

ابتسمت الجدة وهي تسمع كلمات حفيدها المقيد بسرير العلاج وتغطي الضمادات نصف وجهه.

وكان إصرار حكومة الاحتلال على وضع بوابات الكترونية أمام 3 أبواب للأقصى وإقفال الأبواب الأخرى، أشعل غضب الفلسطينيين، وأثار موجة ردود فعل محلية وعربية ودولية نددت بالقرار وطالبت بالتراجع عنه.

"أتوقع من الاحتلال كل شيء.. فجنوده مشهورون باستهداف الأطفال والنساء والشيوخ.. لا يميزون بين أحد.. وجرائمهم في غزة دليل على ذلك" قالت أم سامر.

يشار إلى أن جدة الطفل هي والدة الأسير سامر العيساوي الذي خاض إضرابات عن الطعام لأشهر طويلة رفضًا لاعتقاله إداريًا. وإلى جانب سامر، تعتقل سلطات الاحتلال نجلها مدحت وابنتها المحامية شيرين العيساوي، وجميعهم أسرى محررون أعيد اعتقالهم مجددًا.