أخيراً.. حصل ما كان متوقعًا منذ اللحظة الأولى لإعلان ميلاد هذه الحكومة عبر عملية قيصرية، لكن حلها كان حتميًا، منذ اللحظة التي فقدت فيها أغلبيتها في الكنيست، عقب تقاعد رئيسة الائتلاف، ثم نشوب جملة الاضطرابات المعروفة، وسرّعت جميعها بإعلان نفتالي بينيت قراره التاريخي، وبموجبه أصبح نائبه يائير لابيد رئيساً للوزراء بمباركة الأول.
قد لا يتسع المجال لتقديم تقييم علمي موضوعي بأداء هذه الحكومة، إنجازاتها وإخفاقاتها، طبعا على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، خاصة وأن الحكومة خلال فترة ولايتها عاصرت سلسلة من ملفات الأمن والاقتصاد وكورونا والسكن وتكاليف المعيشة، لكنها في النهاية لم تمنح الحكومة بوليصة تأمين للبقاء والاستقرار، والنتيجة الأهم من كل ما تقدم فشل بينيت ولابيد في السيطرة على الائتلاف المعقد الذي شكلاه بصعوبة.
صحيح أن الحكومة المنتهية ولايتها استطاعت أن تجمع "شتات" أحزاب المتناقضة في المواقف والبرامج السياسية، من خلال تشكيل ائتلاف يمكن وصفه بـ"المستحيل" يضم ثمانية أحزاب، من اليمين واليسار، واليهود والعرب، والمتدينون والعلمانيون.
أمام تصرفات الحكومة، فقد واجهت في الساحة الفلسطينية باستمرار أزمة تلو أزمة حتى سقوطها، مع العلم أنها استلمت مهامها بعد انتهاء حرب غزة الأخيرة 2021، وقد اتسمت الجبهة الجنوبية بالهدوء خلال ولاية الحكومة التي لم تزد عن عام واحد، في حين كثف جيش الاحتلال عملياته في سوريا لوقف التمركز الإيراني، وتهريب الأسلحة إلى لبنان، واستطاعت الحكومة من إقناع الإدارة الأمريكية بعدم إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية.
في الوقت ذاته، وفيما سعت حكومة الاحتلال لترميم العلاقات مع الحزب الديمقراطي الأمريكي، بعد تدهورها في ظل عهد نتنياهو الذي استمر اثني عشر عاما، فقد توترت العلاقات مع روسيا عقب اندلاع حرب أوكرانيا، رغم رفض الاحتلال تزويدها بالأسلحة، خشية تضرر تنسيقها مع موسكو في المجال الجوي السوري.
الخلاصة أن عاما كاملا من اندماج مختلف المكونات الحزبية الإسرائيلية في حكومة واحدة، انتهى أخيرا بإعلان شهادة وفاة رسمية لا مناص منها للتحالف والحكومة، لأنها شكلت حكومة من الأضداد، مبنية على افتراض أن جميع مكوناتها ستحافظ على الوضع الراهن، لكن قدرتها على الحفاظ على جميع مكوناتها، والحفاظ على الوضع الراهن انتهت منذ شهور، وبات استمرارها أقرب إلى المستحيل، وأشبه بتجربة القفز من الطابق الخامس لمبنى محترق.
اليوم، تتجه دولة الاحتلال إلى مرحلة جديدة من التوتر والاستقطاب، بانتظار إجراء الانتخابات المبكرة الخامسة خلال أربعة أعوام فقط، دون أن تتوفر مؤشرات على طي صفحة الخلافات الإسرائيلية المتصاعدة بينهم، فضلا عن تفاقمها في قادم الأيام.