بعد نيله مرتبة متقدمة في امتحان التوظيف الذي عقده ديوان الموظفين بالضفة الغربية، وتقدمه أيضًا بالمقابلة، لم يحصل أحمد سلامة على وظيفة معلم، بسبب عدم اجتيازه تقييم ما يُعرف باسم "السلامة الأمنية" الذي تضعه السلطة في رام الله شرطًا للتوظيف.
و"السلامة الأمنية" في التوظيف، هي موافقة أجهزة أمن السلطة على المتقدم للوظيفة، وتحديدًا جهازَي (الأمن الوقائي والمخابرات العامة)، بعد التحرّي على الشخص المتقدم للوظيفة العامة.
ورغم أنّ شرط "السلامة الأمنية" يُخالف قانون الخدمة المدنية الفلسطيني، وصدور قرار حكومي عام 2012، بوقفه كشرط للمتقدمين للوظائف العمومية في الوزارات بمحافظات الضفة الغربية، فإنّ السلطة لا تزال تستخدمه سيفًا مسلّطًا على رقاب المتقدمين للوظائف.
ويعد استمرار شرط الحصول على "السلامة الأمنية"، إمعانًا في مخالفة القانون الأساسي والقيم الديمقراطية، وأحد الممارسات التي تندرج تحت مفهوم الفساد السياسي من حيث استغلال سلطة الحكم للحصول على مصالح سياسية.
وسلامة واحد من مئات المتقدمين للوظائف الحكومية الذين منعهم بند "السلامة الأمنية" من الوصول للوظائف العامة، وأخذ حقّهم بالتوظيف كبقية المتقدمين للوظائف.
ويقول سلامة في حديثه لـ"فلسطين": "لا أدري ما هو التقرير الذي رفعه مندوب المنطقة التي أسكن بها إلى أجهزة أمن السلطة حتى يتم منعي من الحصول على حقّي في التوظيف بسلك التعليم، خاصة أنني حصلت على ترتيب متقدم في الامتحان التحريري والمقابلة الشفوية".
ويُضيف سلامة: "حرماني من حقي بالتوظيف بسبب ما يُعرف بالسلامة الأمنية يعكس أننا نعيش في بلد تسيطر عليه مجموعة من المتنفّذين الخائفين على مناصبهم من خريج لا يملك إلا شهادته الجامعية".
ويُوضّح أنه ذهب إلى أحد المؤسسات الحقوقية بالضفة الغربية، ووثّق ما حدث معه، ورفض توظيفه بسبب ما يُعرف بـ"السلامة الأمنية" التي تُوضَع شرطًا أساسيًّا للتوظيف.
بدوره يؤكد خريج التربية الإسلامية، محمود حمودة، أنه حُرم من التوظيف في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالضفة الغربية بسبب ما يُعرف بـ"السلامة الأمنية"، وعدم حصوله على موافقة من قِبل أجهزة أمن السلطة.
ويقول حمود في حديثه لـ"فلسطين": "تقدّمتُ لامتحان توظيف بعد إعلان نشره ديوان الموظفين عبر موقعه الإلكتروني، وحصلتُ على ترتيب متفوق وِفق الإعلان الرسمي المنشور من الديوان، وخُضت مقابلة، ولكن بعدها بشكل واضح أخبرني أحد المسؤولين إنّ عدم توظيفي يعود لفشلي بما يُسمى بالسلامة الأمنية".
ويُضيف: "أجهزة أمن السلطة هي المسؤولة عن شرط السلامة الأمنية، وهي من تتحمل قطع رزقي من العمل في وزارة الأوقاف بعد أربع سنوات من الدراسة ودفع عائلتي الأموال لي".
ويُوضّح أنه ذهب إلى جهاز الأمن الوقائي في مدينته بالخليل، وتساءل عن سبب رفعهم كتابًا إلى الديوان يرفض توظيفه بسبب "السلامة الأمنية"، ولكن لم يحصل على ردٍّ واضحٍ منهم، واكتفوا.
بدوره يؤكد المستشار القانوني في الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة-أمان بلال البرغوثي، أنّ "السلامة الأمنية" مخالفة للقانون الأساسي وقانون الخدمة المدنية، ولا يوجد مرجعية قانونية لها.
يقول البرغوثي في حديثه لـ"فلسطين": "يتم وضع شرط السلامة الأمنية للحصول على الوظيفة تحت بند شهادة السير والسلوك، هي السلامة الأمنية، ويتم استغلالها لتصفية الحسابات الشخصية أو السياسية".
ويُضيف البرغوثي: "السلامة الأمنية كشرط للتوظيف تُعدُّ نوعًا من الابتزاز والشخصنة، حيث تشترط بعض أجهزة أمن السلطة من بعض المتقدمين للوظائف تقديم معلومات للجهاز أو يكون الشخص صديقًا للجهاز، حتى يتم الموافقة له على السلامة الأمنية".
يُشار إلى أنّ الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أكدت في تقريرها السنوي الذي أصدرته الأربعاء الماضي، أنها تلقّت عشرات الشكاوى من المواطنين ادَّعو فيها إخضاع طلبات توظيفهم في القطاع العام إلى فحص السلامة الأمنية غير القانوني.