رغم الابتكارات التكنولوجية المتصاعدة لدولة الاحتلال، وتفوقها في عالم الهايتك، ووجودها في مواقع متقدمة من التجارة العالمية، لكنها في الوقت ذاته تعيش في ظل حكومة غير فعالة، مما قد يؤدي بها للتدمير الذاتي.
في هذه العجالة يمكن سرد أمثلة على تردي وضع الحكم في دولة الاحتلال، أولها من الجنوب، حيث يعيش البدو الفلسطينيون في النقب، وعددهم 270 ألفًا، في قرى غير منظمة، بلا بنية تحتية، دون وجود للشرطة، وبلا قانون وعدالة، وثانيها من الشرق في الضفة الغربية، حيث لا توجد فواصل جغرافية مع الأراضي الفلسطينية مما يسمح بدخول عشرات الآلاف من العمال غير القانونيين يوميا، رغم أنف الأمن الإسرائيلي، بمن فيهم منفذو العمليات الأخيرة.
المؤشر الثالث أن جهاز الشرطة واحد من أضعف المنظمات الشرطية في العالم، حيث أدت سنوات إهمالها من الحكومات المتعاقبة لأن تصبح فقيرة نسبيًا، وصغيرة جدًا، وتفتقر للموارد، والنتيجة هي الافتقار للشرطة على الأرض، وعدم إنفاذ القانون، وظهور مناطق الجريمة، والخامس هو تردي النظام القانوني مع استمرار الفشل الإداري والقيادي، وعدم وجود دستور، وفقدان القضاء لكل رادع في وجه المجرمين، والنتيجة أن الجريمة في (إسرائيل) أصبحت مربحة أكثر فأكثر.
يتمثل المؤشر السادس بعدم وجود خطة لإعادة تأهيل نظام التعليم المنهار منذ سنوات، والرعاية الصحية والاجتماعية المهتزة، وغياب إستراتيجية واضحة للأمن تجاه الفلسطينيين، والنتيجة أن الحكومات الإسرائيلية لا تخطط لشيء، ولا تبني خططا طويلة المدى، "فقط تطفئ الحرائق".
تبدو هذه المؤشرات الإسرائيلية لافتة إلى تردي وضع دولة الاحتلال من داخلها، وقد غابت عن الباحثين العرب الذين انشغلوا بمتابعة المؤشرات الخارجية عن تراجعها، مما يستدعي إخضاعها للبحث والدراسة والتحليل، مع العلم أن أهم مؤشر لدى الإسرائيليين يتمثل بعدم استقرار الحالة الحكومية، في ظل بوادر متزايدة عن إجراء انتخابات مبكرة للمرة الخامسة خلال ثلاث سنوات، أو تشكيل حكومة من داخل الكنيست ذاته.
هذه الوضعية المتذبذبة تعني للإسرائيليين أنه كل سنتين بالمتوسط لديهم حكومة، وفي هذه الحالة لا يوجد زعيم ولا حكومة قادرة على بناء إستراتيجية متعددة السنوات أو تنفيذ رؤية وطنية، وإنتاج حكم رشيد، وبالتالي فلا يخفي الإسرائيليون قلقهم أنه في ظل نظام الحكم الحالي، لن يكون أبدًا إقامة حكومة مستقرة، ووضع زعيم يمكنه تكريس اهتمامه لشؤون الدولة، بدلاً من القتال من أجل بقائه السياسي، وأن يتم انتخابه مرارًا وتكرارًا.
الخلاصة الإسرائيلية أنه في ظل دولة لا يستطيع رئيس الوزراء أن يضمن لنفسه أربع سنوات كاملة؛ فلا يوجد حكم، ولا قيادة، ولا قائد، مما يأخذ بأيدي الإسرائيليين أنفسهم لتدمير دولتهم، وطالما أن هذه المنظومة لم تتغير، فإن المستقبل لا يبشر بالخير للإسرائيليين، وفق اعترافاتهم هم!