تتداول المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تقديرات مفادها أن إيران تبحث عن أهداف للانتقام عقب الاغتيالات الأخيرة في قلب طهران، لكن القرار الإسرائيلي بتشديد التحذير من سفر الإسرائيليين إلى تركيا ربما أحبط التوجهات الإيرانية التي يتوقع أن تستمر، ما دام لم يكن هناك إنجاز يمكن لهم التلويح به أمام رأيهم العام الداخلي.
في الوقت ذاته، تفضل تركيا في هذه الآونة البقاء في الظل في ظل التحذيرات الإسرائيلية التي تسبب لها حرجاً كبيراً، لأنها تريد موسماً سياحياً في هذا الصيف ينعش اقتصادها الذي يواجه أزمات متلاحقة، فضلا عن الاعتراف بها كقوة إقليمية، مما يجعل دولة الاحتلال تسير على حبل مشدود بين أنقرة وطهران، عقب وصول معلومات مركزة وموثوقة حول خلية إيرانية في إسطنبول تبحث عن أهداف إسرائيلية، مما دفع المستوى السياسي ومجلس الأمن القومي لعدم الانتظار، وتشديد إنذاراته بعدم سفر الإسرائيليين هناك، والطلب من الموجودين فيها العودة على الفور.
مع العلم أن الأتراك لم يستقبلوا هذه الإنذارات الإسرائيلية بالترحيب، لأن من شأنها إظهار الأوضاع الأمنية لديهم ليست على ما يرام، وبالتالي ستلقي بتأثيراتها السلبية على الهدوء السائد لديهم، وقد يشوش على الرحلات السياحية الجوية في هذا الموسم الصيفي، رغم صدور موقف إيراني مفاده أن الانتقام لن يكون في أراضي دولة ثالثة، وهو نوع من رسالة طمأنة لتركيا.
الخلاصة أن صراع الأدمغة بين (تل أبيب) وطهران يتواصل، وهذه المرة في ساحة إسطنبول تحديدا، مع ترجيح إسرائيلي بأن تستمر ما دام الإيرانيون ليس لديهم أي إنجاز في التلويح به أمام شعبهم الذي لا يخفي خيبة أمله من مواصلة الاستهدافات الإسرائيلية في عمق بلادهم، مما يزيد من دوافع الانتقام لديهم، مع العلم أن إيران طالما عرفت كيف تطلق مبعوثين، وتنقل الرسائل، فيما تواصل البقاء في الظل، دون بصمات تدينها.
يستذكر الإسرائيليون ما حصل من هجوم حوثي على منشآت النفط السعودية، واستهداف الناقلات في الخليج العربي، والاعتداء على السياح الإسرائيليين في بورغاس في 2012، وفي كل الأحوال كانت الأيادي المنفذة غير إيرانية، مع أن التهديد الإيراني في استهداف الإسرائيليين لا يقتصر هذه المرة على تركيا فقط، وإن كان أكثرها سخونة، حيث توجهت الأنظار الإسرائيلية إلى مطار بيونس آيرس، حيث تحتجز الشرطة الأرجنتينية خمسة مسافرين إيرانيين بذات الشبهة.
ليس من الوارد أن تخف التهديدات المتبادلة بين طهران و(تل أبيب) في قادم الأيام، ما دام الموساد يواصل اغتيالاته من جهة، ومن جهة أخرى يسعى الحرس الثوري للرد على هذه الاستهدافات بشكل حقيقي يمكن له أن يكبح جماح الاحتلال.. لننتظر ونرى!