قال رئيس الوزراء د. محمد اشتية خلال مؤتمر فلسطيني إيطالي مشترك: "القوانين بحاجة دائما إلى مراجعة لتكون حديثة وتحاكي التطور العالمي والمجتمعي، والخطة التشريعية للحكومة تتطلع دائما للتطوير المستمر للقوانين، نحن نعلم أن هناك بعض القوانين العثمانية والأردنية وقوانين الانتداب، وكذلك بعض الأحكام العسكرية الإسرائيلية، ولذلك نعيد مراجعة منظومة القوانين كلها بما يخدم قضيتنا الوطنية ومشروعنا الوطني والعدالة.
نظريا ما تفضل به رئيس الوزراء شيء جميل؛ ومن يرفض التقدم والتطور والانعتاق من قوانين سنتها أنظمة استعمارية واحتلالية كبريطانيا و "إسرائيل"، حيث إننا فعلا بحاجة إلى قوانين تحقق العدالة والتنمية وتخدم القضية الفلسطينية والمشروع الوطني.
أما من الناحية العملية فلا يمكن فرض أو سن قانون من طرف فلسطيني لا يلتزم القانون ولا الدستور الفلسطيني، لا يعقل أن تقوم حكومة وهي سلطة تنفيذية مقام السلطة التشريعية المغيبة، وهي حكومة لم تحظَ بثقة المجلس التشريعي ولا حتى بالتوافق الفلسطيني، كما أن تغيير القانون ليس أولوية لدى الشعب الفلسطيني، ما دمنا قد التزمنا أو حتى أُلزمنا بتلك القوانين لأكثر من مئة عام فلا ضير لو تريثنا قليلا من أجل تغييرها بطريقة صحيحة.
الجهة الوحيدة صاحبة الشأن في سن القوانين هي السلطة التشريعية الممثلة بمجلس تشريعي منتخب انتخابا نزيها وشفافا، وكل قانون تم سنه أو إقراره خلال فترة التغييب القسري للتشريعي يعاد النظر فيه عند استعادة المجلس التشريعي لدوره أو عند انتخاب مجلس تشريعي جديد "بالتوافق" في الحالة الفلسطينية، لأن الشعب هو مصدر السلطات، ولا بد أن تكون تلك السلطات منتخبة من قبل الشعب حتى تنوب عنه في التشريع وسن القوانين وتطبيقها وحمايتها.
أما فيما يتعلق بطبيعة القوانين وأسباب تغييرها، فهي بالتأكيد مرتبطة بالعدالة والقضية وقبل كل ذلك بعقيدتنا وشريعتنا الإسلامية، أما أن نربطها بالتطور العالمي ففي ذلك نظر، لأننا أولا لم نواكب التطور العالمي حتى تواكبه قوانينا، ثم هناك فهم خاطئ لمحاكاة التطور العالمي لدى بعض المتنفذين في فلسطين، فبعضهم يعتقد أن إفساد المرأة وقانون سيداو تطور، ونحن نعده انحطاطًا وانحدارًا بل وكفرًا بما أنزل الله عز وجل، وبعضهم يظن أن إطلاق الحريات دون ضابط شكل من أشكال التطور، ونحن نعده فوضى لا تلزمنا، والقوانين التي نريدها لا بد أن تكون مضبوطة شرعا وعرفا وعلما، وهذا لا يتعارض مع حركة التطور كما يظن بعض صغار العقول.
باختصار أقول، لنذهب إلى انتخابات عامة؛ تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، ثم نعيد النظر في ماهية مشروعنا الوطني، إن كان يشمل الكل كما يريد الشعب الفلسطيني أم أنه يقتصر فقط على أقل من ربع الوطن كما يعتقد أنصار أوسلو ، ثم بعد ذلك نضع القوانين التي تناسبنا وتناسب قضيتنا والمصالح العليا لشعبنا الفلسطيني في غزة والضفة والمناطق المحتلة عام 48 وفي الشتات.