بدأ وزير حرب الاحتلال غانتس مشاوراته لتعيين قائد جديد للجيش خلفًا لكوخافي الذي ينهي مهامه في يناير 2023، بعد أربع سنوات قضاها في موقع الجندي الأول، إذ يتنافس لخلافته نائبه الحالي هآرتسي هاليفي، ونائبه السابق آيال زمير، وجويل ستريك قائد الجيش البري السابق.
بعيدًا عن الأسماء المطروحة، فإن هذه المسألة تثير نقاشًا إسرائيليًّا داخليًّا، حول اختبار مدى قدرات كبار ضباط الجيش في إدارة المواقع والمناصب التي يتولونها، إذ إن مسألة تقدير نجاح في هذه القدرات باتت نظرية أكثر منها عملية، ويمكن تقديرها حسب معايير غير موضوعية، ومنها على سبيل المثال أن الضابط الإسرائيلي، أيًّا كانت رتبته العسكرية، يجب ألا ينام قبل الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ويعود إلى بيته بعد عودة آخر جندي، وأن يحصل من هم تحت قيادته التأهيل المطلوب.
لم يعد غريبًا أن يتفاجأ كثير من الإسرائيليين بأن العديد من ضباط الجيش، بمن فيهم البارزون، يجدون "صعوبة" في إلقاء محاضرة، وتقديم موضوع في عالم التجارة والأعمال، وعدد غير قليل منهم يستصعبون الظهور أمام وسائل الإعلام العالمية، ومعظم من يتقنون هذه المهام يؤدونها انطلاقًا من قدرات تأهيلية شخصية فقط، فمعرفتهم وفهمهم لطبيعة عمل وسائل الإعلام متدنية جدًّا، وكيفية عملها لخدمة جماعات المصالح، رغم أنها تلازمهم في تقدير الوضع العام لدولة الاحتلال بصورة دائمة.
ولتجاوز هذه العيوب في بنية الجندي والضابط التأهيلية، قدم جيش الاحتلال في السنوات الأخيرة مقترحات لإعداد خطط تعليمية، بعضها يتمُّ تقديمه لهم وهم ما زالوا يرتدون الزي العسكري، ويقدم الجزء الآخر للمشتغلين منهم في المجال المدني.
الأمر الأكثر الخطورة المتعلق بالتعيينات داخل جيش الاحتلال، ولا سيما في المناصب العليا، ومنها رئيس الأركان، يكشف النقاب أنه لأوقات قريبة جدًّا، فإن المعيار الأساسي الخاص بالتعيينات يتمُّ وفق "تفضيلات" شخصية، أو في ظلِّ نقص المعايير الإدارية المتعارف عليها، والبديل المهني المطروح على الجيش لتجاوز هذه المشكلة هو الجدل المحوري الذي يطرحه عدد من الضباط الناشئين، لأنه سيشرف على تخريج آلاف الضباط الجدد سنويًّا، المقدمون على خدمة إلزامية لمدة عام واحد، وعام آخر يتلقون فيه دورة تدريبية أولية.
مع العلم أن المشكلة التي تبرز هنا مكونة من ثلاثة أبعاد، أولها انخفاض قيمة ترقية الضابط وموقعه العسكري في جيش الاحتلال، وثانيها جوهر الترقية لهذا الضابط يعني وضع الرتبة الجديدة على كتفه، دون أن يحظى بتأهيل إضافي، وثالثها وأخطرها أن جزءًا كبيرًا من الضباط يواصلون التدرج في المهمات القيادية بصورة دائمة، فقط لكونهم أصبحوا قريبين من كبار القادة!