قنديل لـ "فلسطين": الحركة الأسيرة لن تسمح بتمرير القانون مهما كلفها الأمر
تعيش عائلة أبو السبح من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة حالة غير مسبوقة من القلق والخوف على حياة نجلها الأسير فادي، الذي يعاني من عدة أمراض وكسور ويقبع في سجن "ريمون" الصحراوي.
وازداد خوف العائلة على ابنها منذ مايو/ أيار 2019، مع اقتراح عضو الكنيست "ميشال فالديجر" مشروع قانون، يحظر على إدارة سجون الاحتلال تقديم علاجات طبية للأسرى الفلسطينيين، أو إجراء العمليات الجراحية.
وحتمًا؛ هذا القانون العنصري إذا أقره "الكنيست" وطبقته إدارة سجون الاحتلال، سيُعرّض حياة الأسرى المرضى لخطر الموت.
وفادي البالغ (38 عامًا) اعتُقل في أثناء محاولة الانتقال من غزة إلى مستشفيات الضفة الغربية للعلاج من كسور وتهتُّكات في مناطق مختلفة من جسده في إثر حادث تعرض له.
وقال هشام أبو السبح، والد الأسير فادي، لصحيفة "فلسطين": إنّ سجاني الاحتلال اعتدوا على نجله بشدة وتسبّبوا له بكسورٍ في القفص الصدري، على الرغم من الكسور التي عانى منها.
ولم يكتفوا بذلك، بل إنّ أطباء إدارة السجون يرفضون منحه المسكنات الكافية للحد من الآلام التي يعاني منها الأسير، أو تحويله إلى مستشفيات الداخل الفلسطيني لإجراء العمليات اللازمة.
واستغرب تصرُّف إدارة السجون هذا، وتساءل: قبل إقرار مقترح "فالديجر" تتعامل الإدارة هكذا؟ فكيف بعد إقراره وتطبيقه؟
ورفض والد الأسير مشروع القانون الجائر، متوقعًا أنّ تطبيقه سيؤدي إلى استشهاد أسرى في السجون يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة.
والحال نفسه ينطبق على عائلة الأسير زامل شلوف (42 عامًا) من بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، والذي يعاني من مرض في القلب.
وقالت زوجته نعمة: إنّ قوات الاحتلال عندما اعتقلت زامل في 2008 وحكمت عليه بالسجن 15 سنة، لم يكن يعاني من أيّ أمراض.
وأضافت لـ"فلسطين": أن زوجها بعد مرور 3 أشهر على اعتقاله بدأت تظهر عليه أعراض مرض في القلب.
وتخشى "نعمة" بشدة على زوجها الذي أنجبت منه طفليْن: عدي (17 عامًا) ويوسف (15 عامًا)، معبرة عن رفضها مقترح القانون الإسرائيلي الجديد.
وطالبت المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية بتوثيق ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون من انتهاكات وجرائم على يد إدارة السجون التي لا تكتفي باعتقالهم سنوات طويلة خلف القضبان، بل إنها لا تقدم لهم العلاج اللازم.
قوانين مطبقة فعليًّا
وبحسب دراسات فلسطينية فإنّ مئات الأسرى يعانون من أمراض مزمنة وإعاقات.
وقال مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين عبد الله قنديل: إنّ مقترحات القوانين التي يقدمها أعضاء "كنيست" متطرفون هي في الحقيقة مطبقة فعليًّا على الأسرى، بدليل أنّ شهداء الحركة الأسيرة تجاوز عددهم 230 شهيدًا؛ غالبيتهم قضوا نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
وعدَّ قنديل في تصريح لصحيفة "فلسطين" أنّ الهدف من مقترح عضو "الكنيست" فالديجر، شرعنة سلوك إدارة السجون الإجرامي، ويهدف إلى قتل الأسرى بشكل بطيء وممنهج.
وأشار إلى دعوات في سنوات سابقة لإقرار قانون لـ "إعدام" الأسرى الفلسطينيين، ولكن لاعتبارات دولية تأخّر إقرار القانون ولم يُعتمد منذ حينها، بينما يحاول أعضاء الكنيست الآن اللجوء إلى محاولة جديدة للنيل من صمود الأسرى.
وحذَّر من تصاعد العنصرية الإسرائيلية ضد الأسرى الفلسطينيين ومحاولات الاستفراد بهم، مدلّلًا على ذلك برفض محكمة الاحتلال إجراء عملية للأسيرة إسراء الجعابيص، وهذا قبل إقرار مقترح عضو الكنيست؛ فما بالكم لو أُقرّ القانون؟
وأشار إلى أنّ أكثر من 700 أسير فلسطيني يعانون من أمراض مختلفة، سيصبحون شهداء أحياء إذا أقرّ "كنيست" الاحتلال هذا القانون، وسيترتّب عليه تداعيات خطيرة على الأوضاع الصحية والإنسانية للأسرى.
لكنه نبَّه إلى أنّ الحركة الأسيرة لن تسمح بتمرير قوانين كهذه، حتى لو كلفها الأمر ارتقاء شهداء منها، مقابل إيقاف السلوك العنصري بحقهم.
وأكد أنّ المؤسسات الدولية والأمم المتحدة "يمارسون دور شهادة الزور"، وذلك بالانحياز للاحتلال على حساب الأسرى.
وأضاف: كنا نأمل أن يكون للمنظمات الدولية المختلفة دور في حماية الأسرى؛ ومنها الصليب الأحمر والمفوض السامي لحقوق الإنسان، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، لكنها لم تحرك ساكنًا لما يتعرض له أسرانا.
وطالب قنديل هذه المنظمات بإعادة الاعتبار لقضية الأسرى وِفق ما جاءت به القوانين الدولية، ووقف سياسة الكيل بمكياليْن التي نتج عنها ارتقاء مئات الشهداء من الأسرى والمحررين أيضًا.
وأدانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين تقديم عضو "الكنيست" فالديجر و35 عضوًا آخرين مقترح القانون الذي يحظر على إدارة السجون تقديم علاجات طبية للأسرى وحرمانهم من إجراء العمليات الجراحية.