فلسطين أون لاين

دلالات الاستهداف الإسرائيلي لمطار دمشق

شكل الإعلان السوري تعطيل مطار دمشق بسبب الضربات الإسرائيلية الأخيرة قفزة جديدة في معدلاتها المستمرة منذ 2013، بالإعلان عن استراتيجية "المعركة بين الحروب"، التي شكلت بديلا عن خوض حرب شاملة مرة واحدة كل عشر سنوات، فأصبحت تشن عشرة حروب في سنة واحدة.

اليوم وفيما تقترب هذه الاستراتيجية العدوانية من عامها العاشر، يبدو لافتا في الأسابيع الأخيرة حجم السرعة والاندفاع الذي ينفذ به الطيارون الإسرائيليون على متن طائراتهم المقاتلة ضرباتهم الجوية التي تنطلق شمالًا باتجاه سوريا، وكأننا أمام سباق مع الزمن، مع أن النقاشات التي شهدتها الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية- أمان، تكشف أن الاحتلال نفذ عشرات العمليات السرية خارج حدوده، من خلال وحدات خاصة، دون الحاجة للإعلان شبه الرسمي عن تنفيذها لولا أن الجبهة الشمالية تحولت فعلا لتهديد حقيقي، وبات صعبا جدا السكوت عنها.

في الوقت ذاته، يعتقد الإسرائيليون أن تكاليف هذه العمليات المكثفة باتجاه الأراضي السورية لاستهداف القواعد الإيرانية هناك، "أرخص" كثيرا مقارنة بحرب قد تستمر شهرين، ما يعني أن هذه الاستراتيجية تلفت انتباهًا كبيرًا، دون أن تتحمل إسرائيل بالضرورة، وعلانية، المسؤولية عنها.

صحيح أن الهدف الإسرائيلي المزعوم لم يتمثل سابقا بـ"إحراج" العدو أمام جمهوره الداخلي، رغم أن تعطيل مطار دمشق يخرج عن هذه السياسة، وفي بعض الأحيان لا تتمثل هذه السياسة بإلقاء قنبلة على شحنة أسلحة فحسب، بل لإيصال رسالة، أو زرع فكرة ضمن "مراسلات ناعمة" مع العدو، الذي يفهم الرسالة الواردة من (تل أبيب).

لا يتوانى الضباط الإسرائيليون المنخرطون في تنفيذ هذه الضربات في الإشارة إلى عدد غير قليل من الثغرات في عملياتهم، والتنبيه لبعض المخاطر التي يتعرض لها الطيارون، وهو ما استغرق ساعات طويلة من المناقشات لبحث تلافيها، وأهمها ألا تنتقل إلى حرب واسعة وطاحنة، بل تقتصر على مهاجمة واستهداف البنية التحتية الإيرانية والتابعة لحزب الله، مثل مستودعات الأسلحة، والقدرة على التطوير والإنتاج.

الخلاصة أن مفهوم "المعركة بين الحروب" التي تركز على سوريا في السنوات الأخيرة يعني أنه بدلاً من شن حرب واحدة كبيرة مرة كل عقد من الزمن، فإن (إسرائيل) تضطر لخوض عشر حروب في السنة الواحدة، ولذلك ومنذ بدء هذه العمليات بداية العقد الماضي، وآخرها قبل أيام حين تسببت بتعطيل مطار دمشق، فقد سعى الاحتلال لبناء نمط جديد من المعادلات، خاصة أمام إيران وسوريا وحزب الله، خاصة وأن الحديث يدور عن ضرب منشأة جوية هي الأهم في دمشق؛ ما تسبب بوقف الرحلات الجوية.