مع عودة التقارب الحاصل في علاقات السلطة الفلسطينية مع عدد من دول الخليج العربي، وتخفيف حدة التوتر بينها وبين الإمارات والبحرين، بشكل خاص، التي تفاقمت بعد توقيع اتفاقات التطبيع، يطرح الإسرائيليون فرضية الخشية أو الترحيب بهذا التقارب الوشيك، أو اتخاذ إجراء لاغتنام الفرص والمخاطر التي ينطوي عليها هذا التطور السياسي المهم.
رصدت الأوساط الإسرائيلية مؤخراً جملة أدلة على أن السلطة مستعدة لتخفيف حدة التوتر مع عدد من دول الخليج، واشتدت بعد توقيع اتفاقيات التطبيع، ما يطرح تساؤلات إسرائيلية حول صعوبة أو سهولة فتح صفحة جديدة قريبًا في علاقات رام الله وأبو ظبي والمنامة.
تشير التطورات الأخيرة إلى تحول بعلاقات الطرفين قد يكون لها انعكاسات مهمة على الساحتين الفلسطينية والإسرائيلية، مع أن التقارب الفلسطيني الخليجي ربطه الاحتلال بتطورات الضفة الغربية، وتراجع الوضع المالي للسلطة بسبب انخفاض المساعدات الخارجية: دوليًّا وعربيًّا، والمأزق السياسي مع الاحتلال، وتآكل الاهتمام العربي مع القضية الفلسطينية.
لكن ما يتوفر من معطيات إسرائيلية، كشفت عنها مداولات بحثية مؤخرًا، تشير إلى أن الإمارات ليست في عجلة من أمرها للتسامح مع السلطة، عقب تدهور علاقاتهما، رغم أن تعزيز علاقات أبو ظبي وتل أبيب زاد من شكوك وعداء رام الله، بسبب الدعم الإماراتي الطويل الأمد لمحمد دحلان، المنافس اللدود للرئيس محمود عباس.
على الصعيد الإسرائيلي، ربما تبدو (تل أبيب) معنية بتخفيف الانتقادات الفلسطينية الموجهة نحو الدول العربية المطبعة معها، مع أن القناعة الفلسطينية السائدة أن أي تطبيع عربي مع الاحتلال يعني بالضرورة إهمالًا لقضيتهم الوطنية، والتضامن معهم، في حين تقدم المحافل الإسرائيلية ما تقول إنه ميزان قوى بات مختلًّا للإمارات داخل الساحة الفلسطينية، لأن خلافها مع السلطة أضر بقدرتها على بسط نفوذها في الأراضي الفلسطينية كقوة موازنة لنفوذ قطر المتنامي، التي اعتمدت الرافعة الاقتصادية في زيادة نفوذها.
لا تخفي دولة الاحتلال أن لديها مصلحة في علاقات فلسطينية طبيعية مع مصر والسعودية والإمارات، التي تعارض جهود قطر لتعزيز موقعها الإقليمي، مع أن أزمة الثقة القائمة بين هذه الأطراف، ستجعل دوافعها محدودة للشروع في جهد كبير على الساحة الفلسطينية، وسيجعل من مهمة فتح صفحة جديدة مسألة صعبة.
الخلاصة الإسرائيلية أن احتمال التقارب بين السلطة الفلسطينية والإمارات العربية المتحدة يتماشى مع عدد من المصالح الإسرائيلية المهمة، أولها تجديد العملية السياسية من حيث إدماج المزيد من الأطراف الإقليمية فيها، وثانيها تعزيز المبادرات الاقتصادية والبنية التحتية والطاقة من خلال اتفاقيات التطبيع، وثالثها تشجيع السعودية على الانضمام لعملية التطبيع مع الاحتلال، ورابعها زيادة فرص تقوية العناصر المعتدلة نسبيًا في الساحة الفلسطينية على حساب حماس.