بعد أن قمت بتوليدها وكانت الولادة السادسة لها، فإذ بزوجها يطلب مني: اكتب لنا "يا دكتور" حليبا صناعيا حتى يأتي الحليب الطبيعي بعد ثلاثة أيام، قلت له: لماذا حليب صناعي؟ فـ"حليب اللبا" ذو فائدة كبيرة للمولود، ويحافظ على جهاز مناعته، وبعدها يأتي دور الحليب للأم ويعتمد على الحليب الطبيعي، فأخبرني بأن زوجته معتادة على أن يكتب لها الطبيب حليبا صناعيا، وحين يأتي الحليب الطبيعي نتركه، أدركت وقتها أن هناك مفاهيم خاطئة للناس أود توضيحها بحسب خبرتي المهنية.
- إهمال حليب "اللبا" ويُسمى أيضاً بالصحيفة وهو أول حليب يفرزه الثدي أصفر لزج غني بالمغذيات والعوامل المناعية التي تحمي المواليد من الجراثيم والفيروسات المختلفة من مسمياتها المختلفة، اللبا أو المسمار أو السرسوب، ومن المؤسف أن بعض الناس يظنونها ضارة فيقومون بعصرها ورميها، مما يفوت على المولود فرصة ذهبية لاكتساب الغذاء والمناعة.
- إعطاء الماء والسكر عقب الولادة: وهو إجراء متوارث حتى عند كثير من الأطباء إلى وقتنا الحاضر، واليوم يتبين أن هذا الإجراء غير سليم فلا حاجة للمولود إلى الماء والسكر، وهو لا يفيد في حالة اليرقان أكثر من الحليب، ناهيك عن ضرورة منع أي رضّاعة أو مصاصة خلافاً لثدي الأم.
- إعطاء العسل ومواد أخرى: يعطى العسل بمقادير قليلة مرتين يومياً لمدة 10-40 يوماً من أجل تنظيف العقي الأسود المخضر، والعقي هو أول براز للمولود ولا ضرورة لهذا الإجراء، فحليب اللبا يقوم بهذا الدور، ناهيك عن الوثوق بعسل نقي صاف هذه الأيام.
- تكحيل المولود: ويتم مرتين لمدة أربعين يوما ثم مرة يومياً من أجل تجميل العينين وحمايتها من الرمد والواقع أن هذه الممارسة ليست سيئة، فيما إذا كان الكحل من الأثمد الصافي، بل على العكس يكون مفيدا، لكن الخطر قائم في الكحل التجاري الحجري المليء بالرصاص السام وهو المتوافر في الأسواق، وهذا الرصاص يمتص من الجلد ويتراكم في البدن ويؤذي الدماغ بشكلٍ قد يكون خطيرا، أما الإجراء المؤذي المرافق فهو وضع الملح مع الكحل على العينين.
- عصر الأثداء: من المألوف أن نرى ضخامة في أثداء بعض المواليد بسبب هرمونات الحمل، التي تكون عالية جداً وقد تفرز بعض الحليب والذي يحدث أن بعض الناس يعدونها مرضاً، فيعصرونها مما يخلق ألما شديداً للطفل يتلوه بكاء حاد مزعج.
وقد يؤدي إلى حدوث خراج في الثدي مما يستدعي علاجاً عاجلاً في المستشفى، بالمضادات الحيوية لهذا ننصح بترك الأثداء على حالها فهي تصغر تدريجياً خلال ثلاثة شهور.
6-لف المواليد وربطهم بإحكام (التقميط): القماط هو قطعة قماش كبيرة يلف المولود بها، وليس هذا فحسب، بل يربط بعدها من عاليه إلى أسفله بأربطة ويشد وثاقه بداعي أن ذلك يقويه ويجعله أصلب عوداً، هذه العادة ضارة جداً لأنها تعيق الحركة الضرورية للنمو، وللمناورة إن حدث مكروه كالقيء أو انسداد الأنف بأي شيء مما يعرضه للاختناق، كما أنها تعيق الحركة الدموية والتنفس السليم الذي لا يتم من دون التمدد الكافي للقفص الصدري.
7-الخوف من المفرزات الدموية: والتي ترى في الأعضاء التناسلية عند بعض الإناث حديثات الولادة، وهذا الطمث الصغير ناجم عن الهرمونات الوالدية كما في حالة الثدي المذكورة ولا خوف منها ولا داعي إلى الجزع فهي تختفي تلقائياً.
8- إعطاء المنومات واللهايات: الغاية منه التخلص من بكاء المولود. إن إعطاء المنومات يكاد يكون جريمة بحق الطفل من قِبل الأم المشغولة بأشياء أخرى التي لا تريد أن تتفرغ لأمومتها، هذه المنومات تجعل الطفل بحالة خَبلٍ أو نوم دائم، مما يقلل من رضاعته وقد يعرضه للمخاطر والاعتياد على هذه المنومات، أما اللهايات فهي ممنوعة اليوم ويأتي خطرها من أن الطفل يمص بلا فائدة فيدخل الهواء في جوفه وأمعائه مما يعرضه إلى مزيد من المغص، كما أنه قد يترك ثدي أمه نتيجة الاعتياد عليها والخطر الإضافي المحتمل هو العدوى فكم من مرةٍ تقع "اللهاية" على الأرض ويعاد تناولها من دون غسيل أو بغسيل سطحي مما يعرّض الطفل للإسهالات والتهابات المجاري التنفسية.
9- تقبيل المولود: وهذه عادة سيئة منتشرة وإن كان ظاهرها وداً ومحبة للطفل من قبل الغرباء والأصدقاء، ومن مخاطرها انتقال العدوى إلى المولود ذي الجلد الرقيق الحساس، فترى التهابات جلدية، أو ترى أمراضا مختلفة كالزكام والانفلونزا والنزلات الشعبية وغيرها من الأمراض البسيطة أو الخطيرة أن العلاقة الحميمية بين الوليد وغيره تترك للأم بالدرجة الأولى، ولا يجوز أن يصبح لعبةً بين الأيادي مهما كانت درجة المحبة وكم من أهل عانوا من مرض أولادهم بسبب إهمال هذه النصيحة.