أمام العجز الإسرائيلي الظاهر تجاه الهجمات الفدائية الفلسطينية الأخيرة، واستنفاد كل العقوبات الجماعية ضد منفذيها وعائلاتهم، تفتقت قريحة الاحتلال عن عقوبة جديدة يجري التحشيد لها، تمثلت بالتحرك للمصادقة على مشروع قانون لفرض عقوبة الإعدام على منفذي العمليات، لكنه سقط في الجلسة الكاملة للكنيست قبل، عندما صوّت 52 نائبا ضده، و33 لصالحه.
من بين معارضي القانون رئيس الوزراء نفتالي بينيت واثنان من أعضاء حزب يمينا الذين بقوا في الجلسة الكاملة، ولم "يتبخروا" وقت التصويت، وهما عيديت سيلمان وشيرلي بينتو؛ ووزير المالية أفيغدور ليبرمان واثنان من أعضاء حزبه يسرائيل بيتنا الذين ظلوا في الجلسة الكاملة، ولم "يختفوا" مثل عضو الكنيست يوليا مالينوفسكي، التي سبق لها أن قدمت مشروع قانون مشابه في الماضي، بجانب أعضاء الكنيست يوسي شاين وإيلي أفيدار وغيرهما من أحزاب مختلفة.
مع العلم أن العديد من أعضاء الكنيست كانوا مفقودين خلال التصويت على مشروع القانون، وآخرون قرروا الذهاب في إجازة، أو مجرد تمديد فترة الراحة على حساب موعد التصويت، ومنهم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وعدد غير قليل من أعضاء حزبه الليكود مثل يوآف كيش، ميري ريغيف، يولي إدلشتاين، يسرائيل كاتس، آفي ديختر، يوآف غالانت، ميكي زوهار، غيلا غمليئيل وآخرين.
رغم عبثية هذا المشروع الذي لن يوقف مسيرة الهجمات الفدائية، لأن منفذيها هم مشاريع شهادة بالأساس، ويكتبون وصاياهم قبل تنفيذها، لكن سقوط ذلك المشروع اعتبرته أوساط يمينية فشلا جديدا أمام المقاومة، ويتناقض مع ما صدر طيلة سنوات ماضية من تهديدات وتصريحات ضد الفلسطينيين.
للتذكير فقط، ففي يناير 2018، وافقت الكنيست بكامل هيئتها في قراءة أولية على مشروع قانون عقوبة الإعدام بأغلبية 52 مؤيدًا مقابل 49 معارضًا، إبان اندلاع موجة السكاكين، لكن التعقيدات الحزبية والقانونية حالت دون ترجمته إلى قانون عملي على الأرض، وضاع بين المستويين التشريعي والحكومي.
يمثل هذا الموقف الإسرائيلي المتطرف الداعي لتنفيذ عقوبة الإعدام ضد منفذي الهجمات، شريحة متزايدة من الإسرائيليين ممن باتوا مصابين بالإحباط من إخفاق الجيش والمخابرات والحكومة أمام المقاومة، والنتيجة أن دولة الاحتلال بأسرها فقدت الردع في وجهها، لأن سجن منفذي الهجمات لم يثبت أنه ردعهم عن العودة مجددا لطريق المقاومة العسكرية، بل يمكن القول إن نسبة 100٪ منهم لم يتراجعوا عن قناعاتهم، وبعضهم أصبح قنبلة موقوتة، وفق التوصيف الإسرائيلي، وعليه فإن الاكتفاء بعقوبة السجن، حتى لو كان مؤبدا، فإنها ليست رادعة بما فيه الكفاية عن تنفيذ المزيد من الهجمات الفدائية.