في الوقت الذي أنهى جيش الاحتلال مناوراته الأضخم التي سمّاها "عربات النار"، وامتدت شهرا كاملا، ترى الأوساط العسكرية الإسرائيلية أن هذه المناورات قد تُترجم نحو واحدة من الجبهات المرشحة لها، رغم أن الأنظار متجهة بصورة أساسية إلى إيران، في ضوء قرب إنجاز الاتفاق النووي، والخشية الإسرائيلية من اقترابها من حيازة القنبلة.
تزداد المؤشرات الإسرائيلية باتجاه تنفيذ ما تم التدرب عليه في قبرص باتجاه أراضٍ أخرى في المنطقة، مع التطورات الأخيرة في المنطقة، وحالة التوتر المتنامية مع عدد من الجبهات التي تشهد تصعيدا تدريجيا، ما قد يجعل هذه المناورات ذات طابع مصيري في تحويلها إلى خطة عمل عسكرية على الأرض.
مع العلم أن القراءة الإسرائيلية لأي هجوم محتمل على إيران تؤكد أنه لن تكون "نزهة نهاية الأسبوع"، رغم كونها قد تتركز في "حرب صواريخ"، بعيدا عن العمليات البرية الميدانية، وفي هذه الحالة تتزايد السيناريوهات الإسرائيلية المحتملة لتنفيذ ذلك الهجوم، بين كونه هجوما جويا بطائرات مسلحة بقنابل ذكية؛ أو هجوما بمساعدة صواريخ أرض-أرض ذات رؤوس حربية عادية تملكها (إسرائيل)، أو هجوما عن طريق البحر، ويمكن إضافة مخطط رابع بالتأليف بين الثلاثة السابقة.
في المقابل، يدرك الاحتلال أن إيران تملك صواريخ بعيدة المدى مقدار دقتها قليل، وقد يبلغ متوسط انحرافها عن الهدف مئات كثيرة من الأمتار، وتصبح أكبر كلفة كلما زاد مداها، رغم قدرتها التدميرية الواسعة، على افتراض أن صواريخ "حيتس" تستطيع إفشال جزء كبير من هذه الصواريخ الإيرانية المهاجِمة.
في الوقت ذاته فإن سيناريو هجوم تشارك فيه عشرات كثيرة من الطائرات الإسرائيلية في عدد من الطلعات، قد يجبي ثمنا من طائرات مُسقطة، وطيارين قتلى أو أسرى، في حال استقر رأي الحكومة الحالية نهاية الأمر على مهاجمة إيران.
علما بأن المحافل الأمنية والعسكرية وثيقة الصلة بهيئة الأركان الإسرائيلية التي تتناول تأثير هجوم ما على إيران، تضع فرضية أنه قد يتسبب باندلاع حرب إقليمية، من خلال وضعها لعدة سيناريوهات أساسية أهمها أن الهجوم سيكون قصيرا لا يتجاوز عدة أيام فقط، أو نجاحه بعد فترة طويلة من القتال، لكن في النهاية سينجم عنه ابتعاد التهديد الوجودي لـ"إسرائيل"، نهائيا أو لعدة سنوات، رغم تخلله إسقاط طائرات مقاتلة، ومقتل طيارين، أو سقوطهم في أسر القوات الإيرانية.
في هذه الحالة ستكون التأثيرات كبيرة، وسيتركز التأثير لفترة طويلة على المزاج العام في الدولة، خاصة في حال حدوث رد فعل إيراني مدعوم بحلفائها في المنطقة، وحينها سيكون التأثير مرتبطا بقوة الرد، ومدة الرد المعاكس.