منذ اللحظات الأولى لاحتلال مدينة القدس سارعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الخطى لتهويد المدينة المقدسة، فرسمت المعالم وهيّأت الظروف للاستيلاء على المدينة.
وعمد الاحتلال منذ عام 1967 إلى إحاطة المدينة بالمستوطنات، وعزلها عن محيطها، وشرع في عمليات ممنهجة لطرد المقدسيين من منازلهم قسرًا، وهدمها بزعم البناء غير المُرخّص، إضافة إلى جلب المستوطنين وإحلالهم مكان المقدسيين، وسلب الأراضي لصالح التمدد الاستيطاني.
وكان آخر ما أعلنت عنه بلدية الاحتلال في القدس أمس التخطيط لإقامة مشروع تهويدي في مستوطنة "أرمون هنتسيف" المقامة على أراضي جبل المكبر شرق المدينة المحتلة.
والمشروع بحسب صحيفة "كول هاعير" "العبرية، عبارة عن مركز مؤتمرات لجذب نحو 3000 زائر بالقرب من المجمع الفندقي في المنطقة، مشيرة إلى أنه تم مؤخرًا الترويج لخطة ضخمة لبناء مجمع "أرمون هنتسيف" الاستيطاني.
وتكشف سلطات الاحتلال بين الفينة والأخرى عن العديد من المشاريع الاستيطانية في القدس، التي كان منها مؤخرًا القطار الهوائي الذي يهدف للاستيلاء الكامل على البلدة القديمة.
مخططات عنصرية
وأكد الباحث في مجال الاستيطان هاني عيساوي أنّ الاستيطان لم يتوقف لو للحظة في مدينة القدس.
وقال عيساوي، المقيم في مدينة القدس، لصحيفة "فلسطين" إنّ البناء الاستيطاني متواصل في مختلف الأراضي المحتلة خاصة في القدس، مؤكدًا أنّ الاحتلال يحاول فرض السيطرة الكاملة عليها.
وأضاف أنّ إعلان الاحتلال بين الفينة والأخرى عن مشاريع استيطانية جديدة أو توسيع المستوطنات بالقدس يؤكد أنه ماضٍ في مخططاته الاستيلائية على القدس، لافتًا إلى أنه يهدف من خلال المشاريع الجديدة في مستوطنة "أرمون هنتسيف" المقامة على أراضي جبل المكبر إلى جلب المزيد من المستوطنين، لإحداث خلل في التوازن الديموغرافي القائم لخدمة المخطط الإسرائيلي بغية تقليص عدد الفلسطينيين هناك.
وتابع أنه منذ عام 1967 تواصل سلطات الاحتلال مساعيها للاستيلاء على الأراضي المقدسية دون النظر إلى سكانها، مشيرًا إلى أنّ ما تبقّى من أراضٍ في القدس يتهددها خطر السلب لصالح المستوطنات.
وعدّ أنّ وجود المقدسيين وصمودهم في القدس يُفشل مخططات الاستيلاء عليها، مُنبّهًا إلى أنّ "مسيرة الأعلام" التهويدية وما صاحبَها من هيمنة أمنية عسكرية أكدت أنّ الاحتلال لن يتمكن من إحكام سيطرته على القدس، وأنّ هبة المقدسيين ردًّا على "البوابات الإلكترونية"، وهبة باب الرحمة والعامود، دليل على فشل مشاريعه ومخططاته العنصرية.
عزل المدينة
وعدَّ الخبير في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش أنّ الاحتلال يضع جُلّ اهتمامه بمدينة القدس، ويعلن بين الفينة والأخرى عن مخططات استيطانية جديدة فيها لمحاولة تثبيت وجوده هناك.
وأشار حنتش لـ"فلسطين" إلى أنّ الاحتلال يعمل منذ احتلال مدينة القدس على عزلها عن محيطها العربي، وجلب مستوطنين جدد للإقامة فيها، إلى جانب رفض منح الأهالي تراخيص البناء اللازمة، والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم والتضييق عليهم في كلّ مناحي الحياة، على حين في المقابل يتم توسيع الاستيطان وإقامة المنشآت والوحدات الاستيطانية لتهويد المدينة.
ورأى أنّ ما يُخطّط له الاحتلال في القدس من وراء إنشاء مركز مؤتمرات لجلب آلاف السياح للمدينة المقدسة مقدمة لبسط سيادته المزعومة الكاملة عليها، مُحذّرًا من اقترابه من إحكام سيطرته على المدينة بعدما أحاطها بشريط من المستوطنات، وجدار الفصل العنصري والبؤر الاستيطانية والحواجز العسكرية.
وأردف أنه لم يبقَ إلا نقطة واحدة ويُحكِم الاحتلال سيطرته على القدس وهي منطقة "خلايل اللوز" الواقعة جنوب شرق مدينة بيت لحم.