الليكود يشارك بكثافة في مسيرة الأعلام اليوم. وحكومة بينيت تمنح المسيرة دعمها ورعايتها. فلماذا إذن المزايدات الدائرة بين الطرفين، وكلاهما وجهان لعملة واحدة؟! الليكود لا يريد المسيرة بذاتها، وإنما يريد الحكومة ورئاسة الوزراء، لذا ركب حمار المزايدة، ليثبت ضعف حكومة بينيت، أو ليدفعها لمعركة موسعة، بغرض إسقاطها في الحالتين.
حكومة بينيت تدرك مزايدات الليكود، ولكنها تؤمن بالقدس موحدة، وبمسيرة الأعلام، وتريد كسب اليمين واليمين الديني والمتطرف، لذا قررت حكومة بينيت عدم الاستجابة لكل المطالبات الدولية بمنع المسيرة من الدخول للبلدة القديمة من القدس لأنها تستفز مشاعر الفلسطينيين، ومن خلفهم المسلمين في العالم؟
القدس قضية مركزية من بين قضايا الصراع والمنافسة بين الليكود والائتلاف الحاكم، وهو تنافس يجري على حساب الحقوق الفلسطينية، حيث يتفنن كل طرف في اجتراح سياسات وآليات عمل تخرج الفلسطيني من القدس، وتمهد الطريق لتقسيم المسجد الأقصى، والاستجابة لطلبات دعاة الهيكل المزعوم.
غسان عليان منسق أعمال حكومة الاحتلال يدرك طبيعة الصراع بين الأحزاب، والجماعات الصهيونية حول القدس، ومع إدراكه لما تمثله القدس والأقصى للفلسطينيين، فإنه يذهب في طريق بعيد عن القضية تقوم على إغراء الفلسطينيين بزيادة أعداد العمال المسموح لهم بالعمل في داخل فلسطين المحتلة، وكأن لقمة العيش بديل عن الدين، ولو وقف هذا الرجل على حقيقة الدين عند الفلسطيني، ومكانة الأقصى من دين المسلم، لما ذهب نحو هذا التجديف المهين!
ما من شك أن الساعات القادمة هي ساعات حاسمة، وأن كل الخيارات هي قيد الاحتمال، ومن الصعب ترجيح خيار على آخر، لأن تطورات الميدان ليست مضبوطة بما فيه الكفاية، فنحن نتكلم عن مسيرة عواطف، ومسيرة تحدٍّ، وعن فلسطيني تصدى في العام المنصرم لهذه المسيرة بدمه وبالشهداء، حيث كانت معركة (سيف القدس).
وكل المعلومات التي هي قيد التداول الإعلامي تقول إن الأصابع على الزناد، والميدان هو صاحب القرار، حتى ولو كان في الساسة من لا يرغب في معركة جديدة. إذا كان المتطرفون اليهود قد فرضوا هذا التهديد، فإن الاحتلال نفسه هو مصدر كل تهديد، وعليه يجب تركيز العمل على إزالة الاحتلال، وعندها لن تكون مسيرة أعلام، ولا مزايدات بين الليكود والائتلاف. الاحتلال هو المشكلة، ومسيرة الأعلام واحدة من تداعياته.