ثمة قراءتان في نتائج انتخابات بيرزيت، واحدة موضوعية علمية، وأخرى ليست علمية ولا موضوعية، بل تقوم على المناورة، وانتهاز الفرص لمصالح شخصية.
أسفرت انتخابات بير زيت الطلابية عن فوز كتلة الوفاء الإسلامية، التي ثمثل حركة حمااس بين طلبة الجامعة ب(٢٨) مقعدا من (٥١) مقعدا، بينما فازت كتلة ياسر عرفات التي تمثل حركة فتح ب(١٨) مقعدا، وهذ يعني أن كتلة الوفاء تستطيع أن تشكل المجلس بدون شراكة مع فتح أو مع الشعبية التي فازت ب(٥) مقاعد، وقد شارك في الانتخابات (١٠) آلاف طالب وطالبة.
يعد المراقبون انتخابات بير زيت عادة مقياسا لتوجهات الرأي العام الفلسطيني فيما لو جرت انتخابات عامة ، ويعتبرون مؤشرات انتخابات بير زيت ذات دلالة ومصداقية عالية، لأنها تجرى بشفاقية ونزاهة، بدون تلاعب أو تزوير.
وفي مثل هذه الحالة فإن نتائج بير زيت تقول إن حمااس ستفوز بالأغلبية البرلمانية لو جرت انتخابات حرة ونزيهه، ومن ثمة فإن قرار تأجيل عباس للانتخابات العامة العام المنصرم هو نتاج قراءته لهذه النتائج.
الفوز في قراءة حمااس لبير زيت يعني أن الشعب يلتف حول خيار المقاومة، ويرفض حل المساومات التفاوضية الفاشلة، ومن ثمة عاقب الطالب نيابة عن الشعب أصحاب المشروع السياسي الفاشل، وعاقبهم لأسباب أخرى تتعلق بالفساد والكذب وتعطيل الانتخابات وقمع المقاومة والتنسيق الأمني، والتفرد بالحكم، والاستئثار بالمال العام، وبقتل نزار بنات، ولا داع لمزيد من التفاصيل.
إذا القراءة العلمية تقول: الفوز والفشل له سببان : الأول التفاف الشعب وقطاع الطلبة على وجه الخصوص حول خيار المقاومة الذي تمثله اليوم حمااس وفصائل المقاومة الأخرى. والثاني فشل مشروع المفوضات، ومعاقبة قيادات فتح والسلطة على ملفات الفساد وقمع الحريات والتخابر وخلاف ذلك.
إن الجمع بين حركة الطلبة الموجبة نحو حمااس، وحركة الطلبة السالبة من فتح هو عمل علمي موضوعي، له كل الاحترام، ولكن ما لا احترام له فهو القراءة الحزبية غير الموضوعية والتي تستهدف استغلال الفرض لأغراض خاصة، وتمثله هنا قراءة الدكتور ناصر القدوة، الذي يود جباية ثمن من عباس وفريقة، وفي الوقت نفسه الانتقاص من مكانة حمااس بين الطلبة، حيث يقول:
" إن الأصوات التي حصلت عليها كتلة الوفاء لم تأت مطلقا تأييدا لحمااس، بل جاءت عقابا للمجموعة المتحكمة في النظام السياسي الفلسطيني بسبب ما تسببت به من تدمير للحالة الفلسطينية ككل؟!".
هذا القول والتحليل فيه قدر كبير من الانتهازية المرتبطة بأبعاد شخصية، فإذا كانت القراءة الموضوعية تؤيد تدمير عباس وفريقه للحالة الفلسطينية، أو قل للحالة الفتحاوية، فإنها ترفض فكرة الجزم بالإطلاق( مطلقا؟!) بأن الطلبة لا تؤيدون حمااس وخيار المقاومة، وأنها فقط تعاقب رئيس السلطة وفريقه؟'
. هذا قول مردود موضوعيا، لأن الطلبة بحكم تكوينهم الثقافي العالي لايقفون عند الجزء الفارغ من الكوب في حركتهم والتعبير عن خياراتهم، بل ينظرون قبل ذلك إلى الجزء الملئ من الكوب، أي ينظرون لما تمثله لهم حمااس قبل نظرهم في معاقبة فتح، ولو كان الدكتور ناصر هو رئيس السلطة، ورئيس حركة فتح في وقت إجراء الانتخابات لفازت حمااس ولفشل ناصر وفريقه، لأنه سيكون في نظر الطلبة امتداد لمشروع فاشل، ولفساد عاش بين جوانبه دهرا؟!