كانت نكبة الفلسطينيين في الخامس عشر من مايو ١٩٤٨م، واليوم الأحد من عام ٢٠٢٢م هو الذكرى الرابعة والسبعين لهذا الحدث المؤلم. كانت النكبة والهجرة مشحونة بتداعيات مؤلمة، لم تتوقف حتى تاريخه، إذ يمكن القول بأن مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة اغتيالا هو واحد من هذه التداعيات الممتدة، إن الاعتداء الإسرائيلي الشرطي على جنازة المغدورة والمشيعين لها بشكل وحشي هو من آخر هذه التداعيات، التي لن تتوقف عند الاغتيال والاعتداء الهمجي على الجنازة.
لقد آلمنا الاغتيال كثيرا، وربما آلم كل الأحرار في العالم، ولكن الاعتداء على الجنازة بهذه الوحشية التي لم يقم فيها وزنا لحرمة الموت، وجلال المشهد، وحق المغدورة بجنازة كريمة وهادئة وهي تودع الحياة، ومتاعبها، كان أكثر ألما، لأنه الأكثر وحشية، ولأن العالم لا يتوقع حدوث ذلك مع جنازة، ومهما كانت الأسباب المدعاة إسرائيليا فإنها لا تبرر العدوان على حقوق الأموات، بتكسير الأحياء لأنهم يشيعون المغدورة ويعبرون عن مشاعرهم برفع الأعلام الفلسطينية أو الهتاف ضد القتلة.
نحن تألمنا كثيرا، والألم استدعى النكبة ومشاهدها وتداعياتها، فقلنا ونقول إن كل ما لحق بشعبنا من قتل وتشريد واجتياحات وحروب، واعتقالات، واغتيالات هو من تداعيات النكبة، فالنكبة سلسلة لا تنتهي من الأوجاع والألم، لذا كان العلاج الشافي منها نسبيا هو في الوطن الحر، والدولة ذات السيادة.
نعم، تألم المجتمع الدولي لقتل شيرين، وعبر عن ألم أكبر للعدوان على جنازتها، واستنكر ذلك جلّ الدول الغربية بما فيها أمريكا وألمانيا وفرنسا، ولكن هذه الدول لم تصل قتل شيرين والعدوان على جنازتها بحدث النكبة في عام ١٩٤٨م، لأن دول الغرب ساهمت بشكل مباشر في النكبة، ودعم الصهيونية، لذا هي تفصل بين مقتل شرين والنكبة، ولكننا في فلسطين لا نستطيع الفصل، كما لا نستطيع النسيان.
وحتى لا تقتل شرين ثانية وثالثة، ولا يعتدى على جنازة ميت وحقه أن يذهب لمثواه بكرامة، لا بد لنا من دولة وسيادة وأرض ليس بها احتلال وعدوان. فهل يمكن للمجتمع الدولي أن يساعدنا على الخروج من تداعيات النكبة الممتدة بمعاقبة القتلة وإزالة الاحتلال من أرضنا، حتى نجد قبرا دافئا كريما لموتانا كما هو متوفر لكل إنسان في العالم، عدا الفلسطيني؟