فلسطين أون لاين

عائلات شهداء أنفاق خان يونس: نحن على عهدهم ماضون وللمقاومة داعمون

تقرير أبرز معالم "سيف القدس".. "سلاح الأنفاق" الخطر المجهول لجيش الاحتلال

...
خان يونس/ ربيع أبو نقيرة:

برزت أنفاق المقاومة الفلسطينية بوضوح في معركة سيف القدس العام الماضي، ومن قبلها ظهرت مشاهد لجاهزية مقاتلي الأجنحة العسكرية واستعدادهم التصدي لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ومباغتته في عقر مواقعه العسكرية بمستوطنات غلاف القطاع.

ونشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام أثناء معركة سيف القدس مشاهد لمقاتليها في وحدات النخبة من داخل أنفاقها يحملون أنواعا من الأسلحة الرشاشة والمضادة للدروع.

كما نشرت القسام مشاهد لمقاتلي وحدة سلاح المدفعية، داخل أنفاقها يضربون من خلالها أنواعا من الصواريخ وقذائف الهاون.

ولجأت المقاومة الفلسطينية إلى سلاح الأنفاق للتغلب على تفوق جيش الاحتلال الإسرائيلي بامتلاكه ترسانة جوية ضخمة -سلاح الجو-، وتحييده عن المعركة.

وكانت قد نجحت فصائل المقاومة الفلسطينية في أسر الجندي في جيش الاحتلال الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006 عبر نفق امتد من شرق محافظة رفح جنوب قطاع غزة إلى موقع كرم أبو سالم العسكري، ليتم مبادلته في صفقة وفاء الأحرار عام 2011 بـ 1027 أسيرًا فلسطينيًا وأسيرة.

ولما أظهر سلاح الأنفاق الفلسطينية تفوقا كبيرا على جيش الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة عام 2014، ومدى خطرها الكبير على جنوده، كلف لجان تحقيق في إخفاقات جيشه في التعامل معها وخصوصا الهجومية منها، وأقر قادته أنها نوع من المجهول.

كما اعتبر قادة الاحتلال وضباطه، الأنفاق سلاح حماس الاستراتيجي، وأكبر تهديد يواجه جيشه، وقد تستخدم في أي لحظة لأسر جنود إسرائيليين ومبادلتهم بأسرى فلسطينيين، في إطار سعي الفصائل الفلسطينية لتبييض سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين وإطلاق سراحهم جميعا.

ولمحاربة أنفاق المقاومة الفلسطينية أنفق جيش الاحتلال الإسرائيلي مليارات الشواقل للكشف عنها ومن أجل إقامة جدران أسمنتية وإلكترونية تمتد عشرات الأمتار تحت الأرض وفوقها وأسلاك شائكة مزودة بأجهزة ومجسات استشعار على حدود قطاع غزة الشرقية والشمالية.

كما جهز الاحتلال الخطط الميدانية لتحييد سلاح الأنفاق خلال المعارك ومنها خطته التي ظهرت خلال معركة سيف القدس وأطلق عليها اسم "مترو حماس"، وأراد من خلالها قتل مئات المقاومين في أنفاق شمال قطاع غزة، عبر القصف المكثف على شكل حزام ناري للمنطقة، لكنه فشل بذلك.

أبطال الأنفاق

وفي معركة سيف القدس ترجل 18 بطلا من مقاتلي كتائب القسام في نفقين أحدهما بمنطقة الفخاري والآخر في بلدة القرارة شرق خان يونس جنوبي قطاع غزة، في إثر قصف الاحتلال الغادر.

أحد هؤلاء الأبطال الشهيد مؤمن عمر سليمان أبو نجا والذي ارتقى في 11 مايو عام 2021م، الموافق 29 رمضان عام 1442هـ، خلال وجوده مع رفاقه في نفق للمقاومة شرق منطقة الفخاري وتم استهدافه من طائرات الاحتلال الحربية.

وقالت كتائب القسام حينها إنه "خرج مع ثلة من رفاقه لأداء مهمة جهادية، وذلك مع بداية معركة سيف القدس التي هب فيها المجاهدون لنصرة المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف".

شقيقه تيسير، أوضح لصحيفة "فلسطين"، بعد عام على استشهاده، أن "العدو لا يفهم إلا لغة القوة والنار"، مشيرا إلى أن "الشهداء مضوا يمثلون القضية الفلسطينية ويدافعون عن القدس وأهالي حي الشيخ جراح، ونحن على عهدهم باقون وماضون ولن نتراجع".

وقال: "أخي وزملاؤه في المقاومة لبوا نداء الوطن، وكانوا في الصفوف المتقدمة يعدون ويجهزون للدفاع عن أرضنا وعرضنا"، مؤكدا أن المقاومة الفلسطينية شرف الأمة وعزتها، ولا سيما أنها تقدم القادة قبل الجند وتجهز وتعد دون كلل أو ملل لصد عدوان الاحتلال وإيلامه.

وشدد أبو نجا على أن "شعبنا ومقاومته على موعد مع معركة التحرير، ونحن نثق بهم ونحمل لهم كل الحب والاحترام والتقدير وندعو لهم بالتوفيق والنصر".

أما الشهيد مالك إسماعيل أحمد حمدان، فقد ارتقى شهيدا إثر قصف الاحتلال نفقا للمقاومة في 11 مايو عام 2021م، الموافق 29 رمضان عام 1442هـ، شرق بلدة القرارة.

وقالت كتائب القسام حينها إن "القرار جاء من القيادة لمالك ورفاقه الشهداء الثمانية بالذهاب لنفق القسام شرق القرارة لتنفيذ مهمة أوكلت إليهم، وارتقوا خلال قصف طائرات العدو للنفق الذي وُجدوا فيه، وبقوا داخل النفق اثني عشر يوما إلى أن انتهت المعركة، وتم استخراج جثث الشهداء".

والده قال لصحيفة "فلسطين" في ذكراه السنوية الأولى: "لا يسعنا إلا أن نترحم عليهم رحمة واسعة ونسأل المولى أن يصبرنا على فراقهم ويعوضنا خيرا"، مشيرا إلى أنهم أبطال خرجوا لرفع لواء الإسلام وإعلاء كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله".

وأضاف حمدان: "استشهادهم شرف لنا، وتاج على رؤوسنا ورؤوس الأمة العربية والإسلامية"، موصيا المقاومة الفلسطينية وزملاء مالك من بعده أن يبقوا على العهد ثابتين، لأن أرضنا تحتاج إلى التضحية والبذل والعطاء والرجال من أجل تحريرها.

وتابع: "إن لم نقدم خيرة رجالنا وأبنائنا تضحية وفداء لله وللوطن، فمن سيفعل ذلك؟ في ظل احتلال غاشم وظالم"، مؤكدا مواصلة طريق الشهداء ودعم المقاومة لتكون سندا وعونا لأبناء شعبنا.

وفي ذات النفق ارتقى القائد الميداني في كتائب القسام الشهيد عبد السلام سعد إسماعيل العجيلي، بعد أن خرج مع ثلة من رفاقه للقيام بأحد المهام التي كلفوا بها، وذلك مع بداية معركة سيف القدس التي هب فيها المجاهدون لنصرة المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف، وفقا للكتائب.

شقيقه إبراهيم أوضح لصحيفة "فلسطين" في ذكرى استشهاده الأولى، أنه رحل في أيام فضيلة، قائلا: "كان معتكفا في المسجد وخرج إلى الجهاد في سبيل الله ملبيا نداء الواجب والوطن".

وتابع العجيلي: "نحن ماضون على دربه، وطريقه طريقنا لا نحيد عنها، فهي طريق الشرفاء من أجل الدفاع عن المقدسات والأرض ومن أجل تحرير الأسرى ونصرة الإسلام"، موصيا إخوانه باستكمال طريقه طريق الحق والبندقية وصولا لتحرير الأسرى والمسرى.

وأضاف: "نشد على أيادي المقاومين ونقف سندا لهم"، موضحا أن شقيقه عبد السلام كان يعمل في الأنفاق ويعد العدة من أجل لقاء العدو والإثخان فيه قتلا وجرحا وأسرا.