لو كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت رئيسًا للوزراء قبل عام 2008 لبدأ حكمه بحرب أكثر شراسة على قطاع غزة مما فعل من سبقه، ولو قام شارون من قبره لما فعل أكثر مما يفعله بينيت الآن، لأن الأمر لا يعتمد فقط على رئيس الوزراء وإنما على جيشه وما يملك من إمكانات وخيارات وعلى قدرة الخصم أو المقاومة في الدفاع عن نفسها وشعبها. وصول بينيت إلى الحكم كان أشبه بعملية ولادة قيصرية وبعد 3 انتخابات فاشلة للكنيست ليحكم وهو لا يمتلك سوى 6 مقاعد في الكنيست الإسرائيلي، ولم ينجح كنيست الاحتلال في تشكيل حكومة سوى بمساعدة أبو رغال المرحلة "على رأي أبو أبراهيم" ورئيس كتلة القائمة العربية الموحدة، وهي المرة الأولى التي تعاد الانتخابات الإسرائيلية 4 مرات، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها حزب عربي في تشكيل حكومة إسرائيلية، وهذا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي يعيش حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار وهو انعكاس طبيعي لعدم شعور الشعب المغتصب بالأمن ولم يعد لديه القدرة على منح الثقة لشخص أو حزب يقوده إلى بر الأمان، ولو أراد "الدكتور أبو رغال" إسقاط الحكومة الإسرائيلية فانه سيسقطها بمجرد الانسحاب من الائتلاف الحاكم، ونحن لا نهتم سواء سقطت حكومة العدو أو صمدت ولكن ما يهمنا هو الإشارة إلى النتائج المذهلة التي حققها انتصار المقاومة الفلسطينية في معركة العصف المأكول عام 2014.
بعد 7 سنوات من العصف المأكول والتخبط الإسرائيلي جاءت معركة سيف القدس لتحدث صدمة حقيقية في الكيان الغاصب بل وأثرت بشدة وبعمق في الوعي الجمعي الإسرائيلي، وما يحدث على الجانب الفلسطيني لا يقل عمقًا ولكن بالشكل الإيجابي، إذ إن الشعب الفلسطيني بعد العصف المأكول ومن ثم سيف القدس ليس كما كان بعدها. قبل سنوات كان الجدل يدور حول قوة صواريخ المقاومة وجدوى العمليات وأسر الجنود، ولكن الجدل الدائر الآن هو حول ما تبقى للاحتلال على أرضنا، وحتى المشككون باتوا مقتنعين بقوة المقاومة وجدوى الصواريخ ولكنهم يتساءلون لماذا تسكت المقاومة عن رفع علم (إسرائيل) في القدس، وهناك أدلة كثيرة على أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب أذكرها في وقتها بإذن الله.