فلسطين أون لاين

تقرير الغلاء يحرم بيوتًا غزية من الطقوس الاحتفالية بـ"كعك العيد"

...
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

يحرم غلاء الأسعار والأوضاع الاقتصادية الصعبة عائلة المواطنة غادة أبو عمرة من سعادة صنع الكعك في بيتها التي تتدبرها كل عام بشق الأنفس لكي تحافظ على تلك العادة في رمضان، فهي بالكاد تدبر أمورها الحياتية اليومية في ظل تعطل زوجها عن العمل.

ففي كل عام في أواخر موسم "البلح" تشتري ثمانية أرطال من الرطب بعشرين شيقلًا، تصنع منها "العجوة" وتُخبئها لمواسم الأعياد، فتصنع "الكعك" وتدخل البهجة على قلوب أطفالها.

تقول: "أما أغراض الكعك فنشتريها من قسيمة شرائية كانت مؤسسة تصرفها لنا كل عام، لكن هذا العام الأسعار غالية جدًّا، وللأسف لم تتضمن القسيمة مستلزمات إعداد الكعك، فلن نتمكن من صنع الكعك ما سيُشعر أبنائي بالحزن".

البحث عن بدائل

أما "أم محمد" فرحات فتنصح النساء بأنْ يُدبرن أنفسهن ليدخلن الفرحة على قلوب أبنائهن، حسب قدرتهن المادية.

وترى أن هناك أكثر من طريقة لإعداد الكعك والمعمول، ففي ظل غلاء "السميد"، إذ يمكن صناعته من الدقيق، والاستغناء عن حشوة المسكرات واستبدالها بالحلقوم أو الاكتفاء بالعجوة.

على حين تنوي نعمة مطر صنع كمية بسيطة من الكعك والمعمول بالنظر لغلاء الأسعار وحتى لا تحرم أطفالها من بهجة هذا التقليد السنوي، "فالكعك والمعمول من طقوس العيد التي تُدخل الفرحة على قلوبنا وليس بالضرورة أن نصنع كميات كبيرة في ظل هذا الغلاء".

على حين بينت المواطنة سماح أبو مرق أن من لديه النية لصنع "الكعك والمعمول" لهذا العيد، وإذ تأسف لعدم قدرة مئات الأسر من محدودي الدخل الابتهاج بجميع طقوس العيد، تقول إنها لديها لن تقلص الكميات التي اعتادت صناعتها كل عام، على الرغم من ارتفاع سعر المواد الخام كالدقيق والزيت النباتي قليلًا.

ويتراوح سعر كيلو التمر المخصص للعجوة بين 10-12 شيقلًا، ولتر الزيت النباتي بنحو 10 شواقل، على حين يباع كيلو السميد بثلاثة شواقل، والسكر بتسعة شواقل، وتقول السيدات إن فرق أسعار هذه المواد يزيد على أربعة شواقل، وهذا عدا عن ارتفاع أسعار الغاز. 

ارتفاع أسعار المواد

بدورها، تبين السيدة سجا النحال أنه رغم ارتفاع أسعار المواد الخام للكعك والمعمول قليلًا لكن تكلفة صنعه منزليًّا تبقى أقل بكثير من شرائه جاهزًا، أو شراء أي نوع من أنواع الحلويات الأخرى المعروضة في السوق فجميعها أسعارها باهظة.

على حين تبدي "أم هاني" (رفضت الكشف عن اسمها كاملًا) أسفها لكونهم كمنتفعي شؤون لا يشترون "كسوة العيد" ولا يصنعون الكعك لأنهم مديونون لعدم صرف السلطة لمستحقاتهم منذ أكثر من عام.

وتضيف: "حتى لو توفر معنا أي مبلغ مالي فإننا نفضل سداد الديون على شراء أي شيء، والله كسرة الخاطر بعيون الصغار بتدمي القلب ولكن ما باليد حيلة، حسبي الله ونعم الوكيل".

تضرر المشاريع الصغيرة

وهذا الارتفاع في الأسعار أثر سلبًا في صاحبات المشاريع الصغيرة اللاتي يقمن بصناعة المعمول والكعك وتسويقه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما يحدث مع مالكة مشروع "برادايس كيك" ليالي جبريل التي تعبر عن ضيقها الشديد لغلاء أسعار المواد الخام وتأثيرها السلبي في عملها هذا الموسم.

وتشير إلى أنها تعمل منذ خمسة أعوام في هذا المجال لكن هذا العام شهد ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار المواد الخام، شارحةً بالقول: "فكان رطل السميد بستة شواقل أصبح بثمانية أو تسعة شواقل، أما لتر الزيت النباتي فكان سعره خمسة شواقل ونصف أصبح حاليًا ثمانية شواقل".

وأضافت: "كما أن كيلو "العجوة" كنا نشتريه بستة شواقل أصبحنا نشتريه بسبعة أو تسعة شيقل وبعضها يصل إلى 12 شيقلًا وهذا الارتفاع الكبير في الأسعار جعل بيع الكعك والمعمول من قبل النساء في البيوت غير مجزٍ ماديًّا".

وغلاء الأسعار أربك حسابات جبريل، فهي لا تستطيع رفع الأسعار على الزبائن لأنهم لن يشتروا منها، وقد يلجؤون للشراء من المحلات الكبرى التي تشتري مواد خام بكميات كبيرة فلا يؤثر فيها فرق السعر، فلم يكن أمامها حل سوى الاكتفاء بهامش ربح قليل حتى تستطيع الاستمرار في عملها.

وتقول: "كنتُ أربح في رطل الكعك قرابة 20 شيقلًا الآن أنا مضطرة للقبول بقرابة عشرة شواقل فقط، وهذا التأثير السلبي لارتفاع الأسعار شمل أيضًا عملي في صنع الكيك والبتيفور وكل أنواع الحلويات".