لا يختلف اثنان على أن المقاومة الفلسطينية باتت تشكل واجهة وصمام أمان للشعب الفلسطيني وللقضية في كل مكان وزمان، من خلال الحضور التوافقي والإجماع الوطني بتهديد العدو من خلال توجيه رسائل الفصائل الفلسطينية أن هناك خطوطا حمراء لن تقف المقاومة مكتوفة الأيدي إزاءها مهما كلف ذلك من ثمن، وبصريح العبارة أن المقاومة الفلسطينية بالمرصاد إذا ما دنس الاحتلال الأقصى ومزاعمه ذبح اليهود للقرابين في المسجد الأقصى.
على الفور تداعت الفصائل الفلسطينية إلى لقاء عاجل لدراسة وتداعيات الرد على أي عدوان همجي صهيوني على المسجد الأقصى من خلال مكتب رئيس حماس بغزة "أبو إبراهيم السنوار"، لترد الحكومة الصهيونية على لسان بينيت تعلن فيه عدم علمها بوجود أي دعوات لذبح قرابين في الأقصى، بالرغم أن الجميع رأى محاكاة المستوطنين للذبح ودعواتهم وتحديد الأيام لذلك، مناورة دبلوماسية وإخلاء طرف تحت الضغط الكبير من الفلسطينيين شعبياً ورسمياً وقادة المقاومة، وربما مناورة أخرى لمحاولة المساومة في حال عدم ذبح القرابين هل ستسمحون لنا بممارسة بقية الاعتداءات الصهيونية على الأقصى والضفة والداخل المحتل؟
لذلك فإن المعادلة الإستراتيجية التي فرضتها المقاومة بحضورها وأدائها من خلال الأحداث اتضح للجميع خصوصا الأيام الماضية التي حاول فيها المستوطنون ذبح القرابين وغيره من الانتهاكات بحق المقدسات الإسلامية في القدس كانت إرادة شعبنا أقوى وفصائله المقاوِمة من خلال قوة الردع الفلسطيني ومعادلته الإستراتيجية بكسر هيبة الاحتلال الذي بات يبحث عن انتصارات وهمية ليرضي بها قطعان المستوطنين الصهاينة، فالقدس عاصمة شعبنا الأبدية التي تحطمت على أعتابها كل مخططات الاحتلال ومحاولة السيطرة عليها وتهويدها، وأيًّا كانت النتيجة جميل أن تتوحد الفصائل بما فيها فتح بصوت واحد يخشاه العدو ونصرة للأقصى في ميدان المواجهة مع الاحتلال ووقف السلطة للتنسيق الأمني، فالاحتلال يحاول تغييب الأقصى، ولأن الأقصى اليوم يقود الأمة من نصر إلى نصر وما رأيناه الأيام السابقة من التفاف الجماهير حول المقاومة ما هو إلا شعلة النور نحو التحرير.
بالتأكيد ما بعد سيف القدس يختلف عن كل المراحل السابقة، لأن إستراتيجيات المقاومة باتت حاضرة في الزمان والمكان، بعيدا عن التقسيمات الجغرافية التي يريدها العدو الصهيوني، ومرة أخرى تتجلى فصائل المقاومة بامتلاك الكلمة الأولى والأخيرة وأنها سيدة الميدان في القول والفعل..
القفزة التي خطتها حركة حماس والمعادلة الإستراتيجية لفصائل المقاومة أيضا في المطالب المشتركة والوحدوية لأبناء شعبنا هي صورة أيضا جديدة ومشرقة لإدارة الصراع مع العدو، بعيدا عن التفرد في أخذ القرارات خاصة المصيرية على عكس ما تنتهجه السلطة الفلسطينية وحالة التفرد والضياع في القرارات الفلسطينية المصيرية.
حال التمثيل للفصائل الفلسطينية اليوم أشبه في البيت والمرجعية الفلسطينية لكل الفلسطينيين التي أضحت تبحث عن حالة الاستقرار والطمأنينة والاستقلال لنضالات الشعب الفلسطيني وقواه العاملة على الساحة الفلسطينية خصوصا في غزة، هي كذلك المعادلات الجديدة الإستراتيجية التي يريدها الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده وخصوصا المسجد والأقصى، لما لهذه البقعة العظيمة في نفوس المسلمين التي يفدونها بدمائهم وأرواحهم.