فلسطين أون لاين

​حاولت كشف فساد في منظومة "التعليم"

قتل "عواودة" يفتح ملفًا لمعركة استمرت 4 أعوام مع قيادات فتح في الخليل

...
نفين عواودة (أرشيف)
غزة / الخليل - يحيى اليعقوبي

جريمة قتل المهندسة نفين عواودة (36 عامًا) من منطقة دورا في الخليل جنوب الضفة الغربية، فتحت ملفًا لمعركة استمرت نحو أربعة أعوام مع قيادات أقاليم حركة فتح بالمدينة، بعد أن حاولت كشف فساد في منظومة التعليم ابتداءً من حدود مدرستها التي كانت تعمل بها في منطقة "دورا" بالخليل.

لم تترك نفين جهة أمنية أو قضائية إلا وطلبت مساندتها، وطلبت الحماية الشخصية ومحاسبة الفاسدين من قبل مؤسسات حقوقية، بدأت شكواها بمحافظ دورا، ومختلف أجهزة أمن السلطة، ورئاسة الوزراء في رام الله حتى وصلت لرئيس السلطة محمود عباس، لكنهم جميعًا تركوها أمام شخصيات متنفذة وقيادات متهمة بالفساد.

حتى كانت النهاية بأن أجبرت على الاستقالة من عملها أولًا، وضاقت بها مدن وحارات رام الله ثانيًا، ثم وجدت جثة نفين مقتولة أمام الشقة التي تسكن فيها بمفردها بمدينة بيرزيت برام الله، ليكون التساؤل حول المسؤول عن الجريمة؟ في ظل كل هذه المعطيات التي رشحت.

وعلى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" نشرت عواودة الكثير من الوثائق التي تؤكد الفساد الكبير الذي تحدثت عنه بتلك المدرسة، بعض اتهاماتها تركز في وجود معلمات يتقاضين رواتب دون عمل نظرًا لوجود علاقات غير شرعية مع قيادات بفتح أو أجهزة أمن السلطة حسبما ذكرت على صفحتها، ولم تجد من يساندها، ووجدت السياسيين والعسكريين والمدنيين صفًا واحدًا في الفساد، حيث ذكرت أسماء تهددها وتلاحقها، بعضهم يعملون بالأمن الوقائي التابع للسلطة برام الله.

تواصلت صحيفة "فلسطين" مع رئيس بلدية دورا سابقًا د. سمير النمورة، والذي ترك منصبه قبل شهر، فقال: "إن نفين قدمت له شكوى قبل نحو عامين قالت فيها إن لديها مشاكل بالمدرسة التي كانت تعمل بها بمنطقة دورا بالخليل".

وأضاف النمورة لصحيفة "فلسطين": "كانت القضية متشعبة تتعلق بالتربية والتعليم، حيث أدانت عواودة نصف المعلمات بالمدرسة وعددهن يصل إلى 15 معلمة في قضايا الفساد والمحاباة، وأن التربية والتعليم ليست عادلة، إضافة لتداخل المصالح في قضية التوظيف".

وأشار إلى أن العواودة أرسلت الشكوى ذاتها لمحافظ الخليل ولكن يبدو أن المحافظ أهمل الرسالة أو لم تصله "فتعهدت بإيصالها له باليد وهذا ما تم".

وأهم ما جاء بالشكوى، حسبما يؤكد النمورة، أن الخلاف المدرسي متدخل فيه أناس من خارج إطار التربية والتعليم، وتحديدًا أمين سر إقليم جنوب الخليل وأمين سر وسط الخليل في حركة فتح، وهذا هو الخلاف المركزي.

المتحدث باسم الشرطة في رام الله لؤي ازريقات أفاد بأن أمور التحقيق بملف عواودة، بيد نيابة رام الله حاليًا، مشيرًا إلى أن النيابة تحفظت على الجثة وحولتها للطب الشرعي بانتظار صدور التقرير.

وقال ازريقات لصحيفة "فلسطين": "إن عواودة تقدمت قبل عدة سنوات بعدة شكاوى للشرطة برام الله ضد أشخاص"، لافتًا إلى أن الشرطة أبلغت عن اختفائها من قبل مواطنين يسكنون في المبنى الذي كانت تقيم فيه قبل عدة أيام، قبل أن توجد مقتولة أسفل البناية السكنية التي تقيم فيها بمفردها.

وفي تطورات قضية نفين عواودة، شكك والدها في نتائج التشريح التي أشارت إلى وفاتها بعد سقوطها عن علوّ 25 مترًا، وقال في تصريحات صحفية: "طلبوا مني أن أقول ذلك فقط"، خاصة أن نيابة رام الله لم تصدر أي شيء بخصوص القضية، والشرطة تتحدث عن فتح تحقيقات في القضية.

وعن تفاصيل القضية ذكر والد نفين أن القصة كبيرة جدًا، وقد بدأت قبل 4 سنوات، أثناء عملها في مدرسة دورا، بعدما رأت أن هناك أموالًا تم التصرف بها، وكان موقف نفين واضحًا، إذ إنها تصادمت مع إدارة المدرسة، ومدرسة أخرى تعمل هناك، ما دفعها لتقديم شكوى لدى التربية والتعليم.

وأضاف: "موقف التربية لم يعجب نفين، ما دفعها للتوجه إلى رام الله، لتتقدم بعدة شكاوى على المديرة ومكتب التربية ووصلت إلى مكافحة الفساد، وذهبت للمخابرات، والاستخبارات والأمن العسكري، وكانت في كل دائرة تخفق فيها بالحصول على نتيجة، تذهب للأعلى منها".

وذكر العواودة أن وزارة التربية والتعليم أطلعته على كتاب من هيئة مكافحة الفساد يشير إلى تسيّب مالي، وليس اختلاسًا ماليًا.

وكشف والدها عن توجه ابنته للتشاور مع رئيس بلدية دورا سابقًا د. سمير النمورة، الذي نصحها بالتوجه إلى مؤسسات الخليل، كالمحافظة، وتوجهت بناءً على نصحه إلى المحافظ، والذي طلب منها تقديم شكوى لدى النيابة العامة على المدرسات، وأرسلت النيابة العامة الشرطة لاعتقال المدرسات، قبل أن يتدخل إقليم حركة فتح –وسط الخليل، بعد استعانة إحدى المدرسات بهم، ويتدخل بعدها "إقليم حركة فتح–جنوب الخليل"، إلى جانب نفين في بادئ الأمر، ويصبح ضدها في نهاية المطاف.

وأضاف: "في ذلك الوقت كان مطلوبًا مني أن أشتكي عليها، وأن أقول بأنها فاقدة للأهلية، وأكثر من جهة طلبت مني"، رافضًا الإفصاح عن الجهات التي كانت تقف خلف المطالبات.

ويسرد والدها التفاصيل بالقول: “نحن لم نساندها بكل تأكيد، لأننا غير مسؤولين عن هذا البلد حتى نصطدم بالناس، أنا كنت مع الحفاظ على نفسها"، مضيفًا أن ذهابها لبيرزيت كان يأسًا من عائلة رفضت مساعدتها في إعطاء موقف، نافيًا أن تكون العائلة قد طردتها، وأكد أن الاتصال معها لم ينقطع، لأنها كانت ترفض الحديث مع والدها لأنه لم يقف إلى جانبها.