فلسطين أون لاين

الأقصى في الأداء العربي الرسمي

إن انطلاق مسيرة الأعلام للمتطرفين اليهود نحو باب العمود يعني زيادة التوتر وزيادة القلق، ومن ثمة يتساءل المراقبون: هل تدخل غزة على خط الأحداث لتدخل المنطقة في حرب جديدة، على غرار الحرب السابقة؟! المراقبون يتساءلون عن تداعيات محتملة، وأنا أتساءل عن الموقف العربي الرسمي القائم فأقول: أين هو من قضية الصراع الدائرة في ساحات المسجد الأقصى، ببعديها الديني والاحتلالي؟!

عديد من أهل الرأي يرون أن أداء الدول العربية إزاء اقتحامات المتطرفين لساحات الأقصى هو أداء ضعيف، لا يعبر عن إحساس إيماني بقيمة المسجد الأقصى، وبخطورة ما يحيط به من مزاعم توراتية للمتطرفين، وأنه يجب اقتسامه لأنه يقوم على أنقاض الهيكل القديم! قادة الدول العربية قد ينتفضون عندما يشتم مواطن زعيما منهم، ولكنهم لا ينتفضون لمن يهين الأقصى، ويهين نساء المسلمين في الأقصى، ويهدد سلامته للمسلمين!

الأداء العربي الرسمي هو بحسب التقييمات الموضوعية هو أداء فاشل، لا يجلب منفعة للأقصى ولا يدفع عنه ضررا! هذا عن القادة، أما الشعوب العربية فهي تعيش حالة المغلوب على أمره، الذي يلزم الصمت وهو يتفرج على من يقتطع جزءا من حقه وميراث جده ونبيه صلى الله عليه وسلم.

لم تكن الدول العربية في يوم ما أذل من يومها هذا، حتى في زمن تغول التتار على بغداد. في ذاك الزمان كان هناك من يقول لا. كانت هناك مصر والعز بن عبد السلام، وقطز والظاهر بيبرس.

في أيامنا هذه لا يوجد قطز، ولا العز، ولا حتى من يبكي الأقصى بشرف! كل ما هو موجود يقبِّل جبين الاحتلال اعتزازا بصداقة حادثة، جاءت لهم على عطش، وكأن فيها غياث حكمهم، وغياث مستقبلهم، وهم لا يدرون أنه لا قيمة لوجودهم دون أقصى عزيز، ليس للمتطرفين اليهود فيه مكان، ولا مذبح قربان.

الأقصى شرف الأمتين العربية والإسلامية، وأمة بلا أقصى تعني أمة بلا شرف! إن جراح الأقصى التي تنزف مع كل اقتحام صهيوني هي جراح في شرف الأمة، ولست أدري كيف لأمة تعتز بشرفها وعروبتها وإسلامها ترى الأقصى يهان باقتحامات المتطرفين، ويذل من فيه، القائمون والراكعون، وتضرب في ساحاته المصليات المسلمات، ويطرد منه الرجال المصلون المسنون.

لا أطلب من قادة الدول أمرا مستحيلا، ولا أمرا لا طاقة لهم به. لا أطلب منهم حربا ضد المتطرفين اليهود، ولكن أطلب فقط موقفا صارما، ووثيقة يعلنون فيها أن الأقصى بساحاته هو للمسلمين فقط، وأن زيارة غير المسلمين له ممنوعة من الآن وإلى أن يتحرر من الاحتلال. وهنا يجدر بمن طبعوا مع الاحتلال بزعم خدمة فلسطين أن يهددوا بالتراجع عن التطبيع. طبعا هذا عمل ممكن، ولكن ليس من أجل الأقصى. قول مؤسف حقا.