من يستمع إلى ما يقوله السياسيون في ظل التوتر القائم والمقاومة المتزايدة في الضفة الغربية يصاب بالدهشة والحيرة، وخاصة عندما يتحدث أشد أنصار أوسلو عن المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة، وعندما يتحدث كبير المحرضين عن الإخاء والصفاء الى درجة التحذير من شتم المسلم لأخيه المسلم فضلا عن قتاله. طبعا في هذه الأجواء هناك وحدة حقيقية بين أبناء الشعب الفلسطيني ولا يوجد من يشتم ومن يحرض على القتال الداخلي، ولا داعي لهذه المواعظ في هذا الوقت بالذات.
السياسيون من لون معين يشيدون بالمقاومة في الضفة الغربية وفي معركة الدفاع عن القدس تحديدا، ولكن بعضهم يستثني بقصد أو بدون قصد حركة حماس وكأنها غائبة عن المشهد، ويفعل ذلك بعض الكتّاب والإعلاميين، ولكن من قادة فتح من أشاد بمعركة سيف القدس وتأثيرها المستمر على الشارع الفلسطيني، وربما أراد بذلك تهديد دولة الاحتلال بأن استمرارها في ارتكاب الجرائم سيورطها بحرب لا طاقة لها بها في الظروف الحالية التي تعاني فيها الحكومة الإسرائيلية.
إذا كان النفس الوحدوي هو الظاهر في غالبية الخطابات والكلمات فلماذا لا يتم ترجمته على أرض الواقع؟ الكلام عن المصالحة وعودة الحوارات في هذا الوقت غير مناسبة مطلقا ولكن لا يمنع ذلك من أن تكون هناك إشارات قوية بأن زمن الانقسام قد ولى إلى غير رجعة، لماذا لا يتم اتخاذ إجراءات عملية تثبت أن الجميع في خندق واحد، وأن الكلام يصدقه العمل؟
وبعيدًا عما يقوله السياسيون ومشاكلنا الداخلية أود التأكيد على أن غزة لا تسعى للحرب ولا أحد في الشارع الفلسطيني يريدها ولكن الشعب الفلسطيني أيضا يرفض الاستسلام ولن يقبل بتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا، ويرفض المس بالحرم الإبراهيمي وبقية المقدسات الإسلامية، كما يرفض استمرار الحصار على قطاع غزة وارتكاب الجرائم المختلفة في الضفة الغربية، وانكار الاحتلال لكل هذه الانتهاكات والجرائم أو تبريرها، وعدم رغبة الفلسطينيين في الحرب لن يمنع اندلاع معركة جديدة أشد من سيف القدس، ولذلك على الوسطاء الكف عن نقل رسائل التحذير والتهديد من الاحتلال إلى المقاومة في غزة، وعليهم مطالبة الاحتلال بالتوقف عن جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني وعليهم مطالبة المطبعين من العرب التوقف عن استفزاز الشارع الفلسطيني أيضًا.