أسماء عديدة لمخلوق واحد ذكرها الله عز وجل في كتابه الكريم، الجمل، الناقة، الإبل، العير، البعير.. مخلوق يتحمل الجوع والعطش والسير لمسافات طويلة ويصبر على ظروف الصحراء القاسية من حرٍّ شديد في النهار وبرد قارس في الليل وعواصف رملية وزوابع تثور باستمرار وأرض رملية ناعمة لا تنغرس حوافره فيها ونباتات ذات أشواك قاسية وصباريات يأكلها الجمل دون أن تصيبه بالأذى.
نزل القرآن على رسول الله في جزيرة العرب، وهي صحراء سكانها من العرب الذين يعرفون الإبل جيداً، ويدركون فوائدها أكثر من غيرهم.. لذلك ذكرها الله مرات كثيرة في القرآن وبأسمائها المختلفة.. وضرب بها المثل وطلب منهم التفكُّر بعجيب خَلْقها الذي يثبت لهم قدرة الله الخالق القادر على كل شيء، ويذكِّرهم كيف سخرها الله ليركبوها ويتنقلون عليها ويشربون حليبها ويأكلون لحملها ويصنعون الأغطية من وَبَرِها.
وكانت لقريش رحلتان في كل سنة، رحلة الشتاء ويمضون فيها إلى الجنوب إلى اليمن لأنها دافئة، ورحلة الصيف ويتجهون بها إلى شمال الجزيرة العربية إلى بلاد الشام لأنها معتدلة الحرارة، وهذه الرحلات كانت عبارة عن قوافل تجارية.. عدد كبير من الجِمال يحملون على ظهورها البضائع التجارية، خلال ذهابهم يحملون عليها منتجاتهم، لبيعها في البلاد التي يمضون إليها، وخلال عودتهم يشترون البضائع التي يحتاجون إليها ويُحضرونها إلى مكة.. وكان أبو سفيان أحد هؤلاء التجار الذين يخرجون على رأس قافلة كبيرة كل عام.
في العام الهجري الثاني لهجرة الرسول والمسلمين إلى المدينة المنورة بعد أن طردهم الكفار من مكة وصادروا أموالهم وبيوتهم، قرر الرسول الخروج لملاقاة القافلة التي يقودها أبو سفيان والسيطرة عليها بدل أموالهم التي استولت عليها قريش، وكانت الجمال تحمل على ظهورها أموالاً عظيمة من أموال قريش.
وعندما علم أبو سفيان بقدوم المسلمين للاستيلاء على القافلة، غيَّر الطريق، فلم يلتقِ بالمسلمين، وحفظ لقريش أموالهم، وفي الوقت ذاته أرسل إلى قريش رجلاً يدعوهم للدفاع عن قافلتهم وأموالهم..
خرجت كلُ قريش بكامل قوتها لتأديب المسلمين وإخافتهم، لأنها رأت في محاولتهم هذه تقليلاً لهيبتها.. وتعدياً كبيراً عليها.. كان عدد المشركين كبير جداً مقارنة بعدد المسلمين..
مضى المسلون إلى عين بدر ووقفوا حولها ينتظرون قدوم كفار قريش ويستعدُّون لقتالهم.. وكان هذا أول صدام بين المسلمين والمشركين.. ولهذا كانت معركة بدر من أهل المعارك في تلك الفترة!
وحضر الكفار.. واشتبك أقوياء الفريقين في البداية، ثم اشتدَّ القتال العنيف: قريش تريد القضاء على المسلمين ودينهم الجديد،.. قاتلت الملائكة مع المسلمين ودافعت عنهم، وكان المسلمون أبطالاً في القتال همُّهم الحفاظ على دينهم ونصره نصراً مؤزَّراً في أول جولة صراع مع أعداء دين الله.
انتهت غزوة بدر بمقتل زعيم المشركين عمرو بن هشام، وسبعين رجلاً من مشركي قريش، وأَسرِ سبعين آخرين.. أما المسلمين فقد استُشهد منهم 14 رجلاً من المهاجرين والأنصار.
انتصر المسلمون وبدأ بذلك تاريخ جديد.. لم يعد المسلمين مستضعفين كما كانوا من قبل.." ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة".