تقيم عيوش سعادة منذ 40 عامًا في الكويت، عملت مدرسة في مدارسها، ولا تزال تحافظ على هويتها الفلسطينية، حيث تنحدر من قرى قضاء نابلس، غير أنها تحب الأجواء الرمضانية التي يعيشها الشعب الكويتي لما يبديه من تآلف ومحبة للوافدين.
ولرمضان في الكويت نكهة مميزة، فالليل يتحول إلى نهار، كما لا تنقطع الولائم طوال أيام الشهر الفضيل. أما إن كنت تسأل عن زعماء المائدة الضيافة فلا بد من طبقي "التشريب" و"الهريس" اللذين لا يخلو منهما إفطار الكويتيين في رمضان.
تقول سعادة لـ"فلسطين: "الشعب الكويتي شعب مضياف، ولديه كرم غير عادي لكل من يسكن بلاده حتى لو لم يكن كويتيًا، خاصة في الشهر الفضيل، والأجواء الروحانية فيه رائعة للغاية.
وتضيف: "لديهم عادة جميلة يسمونها نقطة رمضان، حيث يوزعون المواد التموينية في الأيام الأولى على الجيران والمعارف ابتهاجًا بالشهر الفضيل".
وعن "الهريس"، تصفه سعادة بـ"زعيم" المائدة الكويتية، ويطبخ من القمح مع اللحم ساعات طويلة حتى يذوبا معا، ويضاف إليه عند إفراغه في الصحون السمن العربي المذاب، ويرش عليه الدارسين أي "القرفة" المطحونة والسكر.
وتميل سعادة لطهو "الهريس" الرمضاني في الإجازة الأسبوعية لحاجته إلى وقت طويل من العمل، يقدر بنحو 6 ساعات للنضج على نار هادئة.
وتضيف أن المائدة الرمضانية الكويتية يتصدرها كذلك طبق "التشريب" أو "الثريد" وهو لحم مسلوق مع الخضار (البصل، والثوم، والقرع، والكوسا، والباذنجان، والبطاطس) ممزوجة بألوان مختلفة من التوابل والخبز المقطع قطعا صغيرة.
ويطلق عليه اسم "التشريبة" نظرا لاستخدام الخبز بها الذي يتم وضعه في المرق حتى يتشرب الماء والنكهة.
ويعد طبق "التشريب" غذاء متكاملا للصائم لاحتوائه على طحين القمح الأسمر، نتيجة استخدام الخبز أو الرقاق الأسمر، ومن ثم يزود الجسم بالألياف المفيدة إلى جانب البروتين والدهون الطبيعية من اللحم أو الدجاج التي تمد الجسم بالطاقة، فضلا عن الفيتامينات التي تحتوي عليها الخضار كالقرع والكوسا والبطاطا.
في حين يعد الثريد من أقدم الأكلات العربية، وكان أحب الأطعمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل قديماً إن أول من صنع الثريد هو سيدنا إبراهيم عليه السلام، فقد كان من إكرام العرب للضيوف أن يقدموا لهم الثريد. وقد سمّي جد النبي هاشم لأنه كان يهشّم الثريد لحجاج بيت الله الحرام.
وكان الثريد شائعاً قبل الإسلام، واستمر حتى يومنا هذا.
مقليات وحلويات
وتتزين مائدة الإفطار الكويتية بالعديد من أنواع المقليات من "سمبوسة" و"كبب" بأصنافها، مصطفة إلى جانبها صحون الحساء "الشوربة" والتمر والعصائر المنتشرة على امتداد المائدة، كما تقول السيدة الفلسطينية التي باتت ثقافة الطعام الكويتي جزءًا من هويتها.
وتلفت إلى أن "مجبوس" اللحم أو الدجاج أيضا من الوجبات الرئيسة في إفطار الكويتيين، إذ يطهى الأرز أو "العيش" كما يسمى في الكويت، ويزين بالدجاج أو اللحم المشوي.
ويفضل الكويتيون على موائد إفطارهم تناول أنواع الحساء "الشوربة" المعروفة كالعدس أو القمح "الفريكة" أو الخضار، كما لا يمكن الاستغناء عن خبز "العروق" الذي يعدّ من طحين القمح الممزوج بطحين الحمص، ويضاف إلى المزيج البصل والخضراوات الورقية كالكزبرة والشبت والتوابل، ومن ثم يقلى في الزيت.
ويُعد قرص العقيلي من أشهر الحلويات الشعبيّة في الكويت؛ كما تبين سعادة، حيث يتم تناوله يوميًا كطبق تحلية بعد وجبة الإفطار في رمضان، وهو قرص كبي من الكيك المحضر بنكهة الزعفران والسمسم، ومن الممكن تحضير القرص العقيلي بطرق متعددة تشترك بسهولتها.
وبحسب سعادة؛ فإن منقوع "المشمش" المجفف المعروف بـ"عصير قمر الدين" يتسيد المشروبات التي يفضلها الكويتيون، فضلا عن الحلويات الشهيرة الأخرى كاللقيمات أو لقمة القاضي والمحلبية "بر الوالدين"، و"الإلبة" التي تشبه "الكريم كراميل" لكنها تصنع منزليًا.
وفي المقابل تحافظ سعادة على الأجواء الرمضانية الفلسطينية التي تربت عليها، فتصنع المسخن، وأقراص الزعتر الأخضر، والمنسف، والقطائف، والجبنة البيضاء في بيتها، وتوزعها على صديقاتها، وجاراتها الكويتيات اللاتي يطلبن باستمرار أن تصنعها لهن.