فلسطين أون لاين

تقرير بأطباقها التراثية.. تعيد "ربا" إحياء نكهات أردنية منسية

...
ربا الزعبي - (أرشيف)
إربد/ الأناضول:

يشتهر الأردنيون كغيرهم من بقية سكان دول العالم بأطباق خاصة اقترنت بهم، لكن مع تطور الحياة ومرور الأيام والأعوام، بات حضور كثير منها أمرا نادرا على موائدهم، رغم ارتباطها وتلازمها مع تاريخ بلادهم وتراثها.

يسعى الكثيرون إلى إعادة إحياء تلك الأطباق، من خلال الرجوع إلى خبراء بهذا الشأن، أو عبر اللجوء إلى كبار السن، يستحضرون بذاكرتهم وصفات بعض منها وكيفية إعدادها، سعيا منهم لاستعادتها على موائدهم، ولو بشكل جزئي.

ربا الزعبي (50 عاما)، أردنية ولدت لعائلة ممتدة في قرية "حريما" التابعة لمحافظة إربد، شمال الأردن، فهي شقيقة لـ 13 من الذكور والإناث، ولكنها أصغرهم عمرا، ما يعني بأنها عايشت من خلال تلك الأسرة حضور أقدم الأطباق في بلادها، ولا سيما أنها من منطقة ما زال ساكنوها يتمسكون بموروثاتهم الشعبية.

لم تكن ربا تعلم بأن شغفها باستحضار أطباق الأردن القديمة، سيجعل منها عنوانا بارزا للباحثين عن وصفاتها، خاصة وأنها اكتسبت مواهب متخصصة في فنون الطهي، وذلك عبر التحاقها بدورات تدريبية على يد أمهر الطهاة المحليين والعالميين، لتقرر بعد ذلك إنشاء أكاديمية خاصة للتعليم والتدريب في هذا المجال.

مراسل الأناضول زار الزعبي في مكان عملها بمدينة إربد، حيث روت له تفاصيل حياتية ومهنية، جعلت منها مرجعا للباحثين عن أطباق الأردن التراثية، ومحطة للراغبين في تعلم إعداد عددا منها مهددة بالاندثار وبات حضورها على الموائد الأردنية أمرا نادرا.

المخطط في البداية وفق ربا، كان لغايات شخصية، وبرضى زوجها الذي فقدته عام 2018، تاركا لها مسؤولية تربية ولديها حبيب وفارس، وشقيقتهم جوانا.

تقول ربا: "كان زوجي رحمه الله يعلم مدى حبي لتعلم إعداد الأطباق الشعبية وتعلم فنون الطهي بمختلف أشكاله وأنواعه، وسمح لي بأن ألتحق بأي دورة تدريبية، ولكن لتعلمها بشكل شخصي دون العمل بهذه المهنة".

وتابعت "كنت في أثناء ذلك أتعلم على يد أمهر الطهاة المحليين والعالميين في أفخم فنادق الأردن، وأجد غيابا ملحوظا للمطبخ الأردني، وكان يقتصر الحضور على بعض الأطباق، كالمنسف (أرز مع لبن ولحم)".

واستدركت: "كان ذلك بعكس المطابخ الأخرى، والتي توجد فيها أصناف كثيرة من أطباق كل دولة، ومن هنا زادت عزيمتي وإصراري على إعادة إحياء الأطباق التراثية الأردنية".

في عام 2018، فقدت ربا زوجها، دون سابق إنذار؛ إذ لم يكن يعاني أي أمراض، لكنه تعرض لأزمة حادة أودت بحياته، ليضاعف حملها بين يوم وليلة، لتصبح الأب والأم في آن واحد.

وبإيمانها المطلق أن الخالق هو من يُدبر أمر المخلوق، لم يذهب تعلم ربا لفنون الطهي أدراج الرياح، فقد كان ذلك طريقا لها صوب تأمين فرصة عمل، يحقق لها دخلا تستطيع من خلاله الإنفاق على أبنائها، وتحقيق الرفاه المعيشي لهم.

غيرة على التراث

وتوضيحا لأسباب انفرادها بإعداد الأطباق الشعبية، قالت: "الأكلات الأردنية التراثية كثيرة جدا، ولكن لا يوجد هناك كتب مختصة بها، ومن باب غيرتي على تراث بلادي، بدأت بتأليف كتاب إلى جانب سيدة أخرى هي أيقونة للأكلات الشعبية تدعى فريال الكوفحي، يضم بداخله كيفية إعداد 250 طبقا أردنيا".

ومضت قائلة: "فضلا عن أطباق المطابخ العربية والعالمية المختلفة، أثريت معرفتي بالأطباق الأردنية، ومن هنا جاءتني فكرة إنشاء أكاديمية متخصصة بفنون الطهي عام 2020".

وتابعت: "حصلت عام 2019 على الكأس الذهبي في مسابقة للطهي بالمغرب، أثبت خلالها تميز المطبخ الأردني".

وتؤكد ربا بأنها أصبحت عنوانا للباحثين عن أمهر الطهاة، مضيفة: "استطعت أن أؤمن لأعداد كبيرة من خريجي الأكاديمية فرص عمل داخل المملكة وخارجها".

واختتمت الزعبي الحاصلة على شهادة الدبلوم في برمجة الحاسوب أن التراث ثروة كبيرة، والمأكولات جزء منها، "فمن خلالها نستعيد ذكريات الآباء والأجداد".