يوم الأسير الفلسطيني هو مناسبة يحيها الشعب الفلسطيني في السابع عشر من نيسان/أبريل من كل عام منذ عقود سابقة تم اعتماده يومًا وطنيًّا من قبل المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974، وفي الحقيقة فإن قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا تقتصر على يوم أو تنحصر في فعاليات هنا وهناك، بل هي قضية وطنية يعيشها الشعب الفلسطيني يوميا، لذا تُعتبر قضية الأسرى من أكثر القضايا تأثيراً في المشهد الفلسطيني. فمنذ النكبة الفلسطينية عام 1948، حيث دخل سجونَ الاحتلال أكثر من ثلث الشعب الفلسطيني، أي ما يزيد على 800 ألف مناضل/ة، وما نسبتهم 25% تقريباً من مجموع الشعب الفلسطيني.
يعيش اليوم خلف قضبان سجون ومعتقلات الاحتلال ما يقارب 4450 أسيرا فلسطينيا من بينهم 32 أسيرة، و160 أسيرا قاصرا، و530 معتقلا إداريا، ومن بين هذه الأعداد أكثر من 600 أسير مريض، و227 أسيرا شهيدا منذ عام 1967، إضافة إلى هذه القوائم فأعداد الأسرى في ازدياد متواصل بسبب الاعتقالات اليومية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية في جميع المدن والقرى الفلسطينية، كما حدث في الأيام القليلة الماضية في الهبة الشعبية نصرة للأقصى من عبث المستوطنين الصهاينة فيه لمّا كانوا يخططون له باقتحام المسجد الأقصى من أجل خزعبلات تلمودية بما يسمى “ذبح القرابين”، وكانت هذه مقدمة لاقتحامه من قبل شرطة وقوات الاحتلال وتدنيس المسجد ببساطيرهم واعتقال أعداد كبيرة من المصلين فجرا.
لقد تعدَّدت وسائل الدفاع عن قضية الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعدما ثبت إخفاق مطلب التحرُّر خاصة لذوي المحكوميات العالية عبر ما يسمى بمفاوضات التسوية (اتفاقية أوسلو)، فقد تراوحت بين الخيار العسكري لتحريرهم عبر صفقات التبادل، وهو أفضل إنجاز في تاريخ المقاومة إزاء الأسرى الفلسطينيين، وعندما تأخر هذا الأمل بسبب مماطلة الاحتلال الذي يكابر ثم يرضخ لمطالب وشروط المقاومة عند كل عملية تبادل للأسرى، عندها أخذ الأسرى على عاتقهم تحرير أنفسهم بأنفسهم أو ما يعرف “بالتحرر الذاتي” عبر حفر نفق الحرية، إلى جانب العمل على تثبيت حقوق الأسرى الإنسانية، بعد سلسلة طويلة من الإضراب عن الطعام والأمعاء الخاوية، ويلجأ الأسرى إلى وسائل نضالية أخرى، كالعصيان، الذي تتخلَّله خطوات احتجاجية، مثل إلقاء الملابس والأبراش (الأسِرّة) خارج غرف الأَسر، وإحراق الأمتعة، وغيرهما. كما أن للمقاومة الشعبية بكل أشكالها دورا مهمًّا لنصرة الحركة الأسيرة، ولعل العامل الاكثر الما على سلطات الاحتلال لهو التهديد والتلويح بالتصعيد العسكري من جانب المقاومة، في حال استمرت معاناة الأسرى وحرمانهم من حقوقهم.
نعم، الحركة الأسيرة ماضية في نضالها ومن أجل نيل الحرية، ففي كل مرة ينتصر الأسرى على ما يسمى بإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، بتحقيق عدد من المطالب، أبرزها: وقف سياسة الضرب والاعتداء عليهم من قبل فرق التعذيب متسادة والنحشون... إلخ، ووقف سياسة العزل الانفرادي، وإلغاء سياسة الاعتقال الإداري (اعتقال يمتدّ عدةَ أشهر، ويُجَدَّد ليصل إلى عدة سنوات من دون محاكمة أو توجيه تُهَم)، وتخفيض الاكتظاظ داخل غرف الأَسر، وإلغاء القيود المُذلّة عليهم، والسماح بإدخال المواد التثقيفية والقرطاسية، وإدخال المذياع للسجون، وتنظيم فترات للتواصل الهاتفي بين الأسرى وأهاليهم، عبر هاتف عمومي، والتخفيف من الازدحام، وتحسين الإنارة والتهوية، وتحسين مستوى الطعام، وتحسين ظروف زيارات أهاليهم، وغيرها من المكتسبات والحقوق والمطالب المشروعة.
لقد ترك أسرى نفق الحرية الستة (من جنين) أثرا كبيرا في نفوس الشعب الفلسطيني للمعاناة التي يعيشونها في سجون الاحتلال الإسرائيلي المجرم، كما وصفه الأسير محمود العارضة في أثناء جلسة المحكمة في مدينة الناصرة الاثنين الماضي: “وحش وهم من غبار”، كما لفتوا انتباه العالم لقضية الأسرى بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام، بأن هنا شعبًا محتلًا يريد نيل الحرية كبقية شعوب العالم، وبغض النظر عن الموقف الدولي الذليل تجاه أسرى نفق الحرية الستة، بسبب ازدواجية المعايير، لكن الأسرى الستة على يقين بأن شعبهم لم يخذلهم، فقد أدرجت المقاومة في غزة أسماءهم على رأس قائمة أقرب صفقة تبادل للأسرى مع الاحتلال تكون مشرفة ومشابهة لصفقة وفاء الأحرار، إلا أن جنين مسقط رأسهم أبت إلا أن ترد الصاع صاعين.