يتغير نمط الحياة بالكامل في شهر رمضان بين ساعات الصيام الطويلة، ومواعيد الإفطار والسحور والنوم. وإذ يعد الشهر الفضيل فرصة لاستعادة حيوية الجسم وصحته عبر نظام غذائي صحي، فإن ممارسة الرياضة عامل مهم في ذلك، الأمر الذي يفرض تغير العادات اليومية بالنظر إلى نقص عدد ساعات النوم وقلة النشاط البدني في النهار وتركيزه في الفترة المسائية.
وأمام هذا التقلبّات الكثيرة فيه، من الطبيعي ألا تعود ممارسة الرياضة من الأولويات بالنسبة للصائم، خصوصاً أن الطاقة تنقصه في كثير من الأحيان حتى يمارس الرياضة بانتظام، كما اعتاد أن يفعل قبل هذا الشهر.
وبحسب مدرب الرياضة رائد شحادة يمكن الاستمرار بممارسة الرياضة في رمضان، لكن من الضروري اختيار نوع الرياضة المناسب والأوقات المناسبة لأن القدرات والطاقة تختلف تماماً في هذه الفترة.
وإذ يؤكد شحادة أهمية ممارسة الرياضة وفائدتها لجسم الإنسان وخاصة بعض الأنواع منها، كالركض والسباحة والمشي، يلفت إلى أهمية الالتزام بالمعايير الصحية المعمول بها وعلى الأخص في شهر رمضان.
ويشير كذلك إلى جملة من الشروط التي يجب مراعاتها عند ممارسة الرياضة في رمضان للحيلولة دون التعرض لمخاطر، تتحدد في تمتع الشخص الذي يرغب في ممارسة النشاط البدني بصحة جيدة وعدم إصابته بأي أمراض مزمنة كالسكري والفشل الكلوي وأمراض القلب.
وينصح أطباء الصحة العامة هذه الفئة في حال رغبت بممارسة الرياضة بأن تقتصر على المشي والحركات الخفيفة حتى لا تتعرض للإجهاد والإعياء، والأفضل أن يتم ذلك بعد تناول الإفطار، وذلك لأخذ جرعة كافية من المياه، لأن المجهود البدني الرياضي يضاعف إفراز العرق ومن ثم يحدث استهلاكاً للماء في الجسم.
وفي هذا السياق، يقول شحادة: إن ممارسة الرياضة في شهر رمضان ينبغي أن تراعى فيها عدة شروط، من بينها عدم ممارسة الرياضة بكيفية عشوائية ومراعاة طاقة الجسم وأن تمارس بكيفية تدريجية على امتداد الشهر وتكون قبيل الإفطار بساعة أو ساعتين "لأن كل مخزون السكر المتواجد في الجسم سيكون أوشك على الانتهاء، مما يضطر الجسم على أن يستخدم الدهون كمصدر للطاقة"، أو بعده بساعتين أو ثلاث ساعات.
ويضيف أن تأثير الصيام على ممارسي الرياضة يختلف من شخص لآخر، والأمر يحتاج إلى أن يكتشف كل شخص الوقت الأنسب للتمرين بما يتلاءم مع جسده وقدراته الصحية.
فوائد الرياضة في رمضان
وتحدثت العديد من الدراسات عن إيجابيات ممارسة الرياضة في شهر رمضان ولا سيما قبيل سويعات من موعد الإفطار، حيث تساهم الساعات الطويلة من الصيام في استجابة الجهاز العصبي وتنشيط مركز تقنين مخزون الطاقة الذي يؤدي إلى حرق الدهون المخزونة في النسيج الدهني لتوفير السعرات الحرارية الضرورية للقيام بالوظائف الأساسية وبالأنشطة البدنية اليومية، وهو ما يؤكده اختصاصي التغذية والعلاج بالأعشاب يحيى كيالي.
وينصح كيالي في حديثه لـ"فلسطين" محبي ممارسة الرياضية في رمضان والصائمين عمومًا بالحرص على شرب كمية كافية من الماء بين وجبتي الفطور والسحور للمحافظة على ترطيب الجسم وتقليل خطر الإصابة بالجفاف بسبب النقص الذي قد ينتج عن ممارسة النشاط البدني خلال النهار.
ويشير إلى ضرورة احتواء وجبة الإفطار على كميات كبيرة من الألياف والبروتين، والحد من الملح والكافيين والأطعمة التي تجعلنا نشعر بالعطش في أثناء الصيام.
ويقول إن العديد من الدراسات أظهرت أن ممارسة الرياضة في رمضان تساهم أيضا في تعزيز النسيج العضلي وتقوية الجسم وتنقيته من السموم وتنشيط الأجهزة المختلفة، فضلا عن تقوية جهاز المناعة والرفع من كفاءته.
وطبقا لنتائج دراسة نشرت في الدورية الدولية للطب الرياضي، تبين أن التغير في النمط الغذائي الذي تفرضه طبيعة الصيام المتقطع خلال شهر رمضان، والذي يرافق ممارسة التدريبات، أدى إلى حدوث انخفاض واضح في كتلة الجسم، مصحوبا بتراجع في كميات الدهون فيه.
كما أن للرياضة دورًا كبيرًا في الحماية من أمراض عُسر الهضم وسوء استغلال الطعام خلال شهر رمضان، فالرياضة قبل الإفطار تعمل على حرق الدهون المخزونة وزيادة كفاءة الكبد وتنشيط عملية التمثيل الغذائي.
وتنشط الحركة في رمضان عمليات الأكسدة وأنظمة إنتاج الطاقة في الجسم، وزيادة كفاءة الجهاز الهضمي وتخليص الجسم من الشحوم والمحافظة على وزن الجسم الصحي خاصة بعد الأكلات الرمضانية الغنية بالكثير من الدهون والسكريات.