فلسطين أون لاين

"الأقصى" بحاجة إلى حل جذري

ما زالت حالة القلق والتوتر تلف المسجد الأقصى. لقد شاهد العالم فيديو محاولة ذبح القرابين في المسجد الأقصى. الفيديو أظهر يمينيا متعصبا يحمل حملا يريد إدخاله للمسجد وذبحه، ويحاول شرطي منعه، ولكن لم يعتقله. الصورة تقول إن هناك توجها يمينيا يزداد سنويا باتجاه ذبح القرابين في المسجد، ومن ثمة بدء الخطوات العملية لتقسيمه بين اليهود والمسلمين على غرار ما تمّ في المسجد الإبراهيمي في الخليل قبل سنوات.

يمكن القول إن المسلمين قد أدوا صلاة الجمعة الثانية من رمضان في المسجد الأقصى، ولم يتمكن اليمينيون المتعصبون من ذبح القرابين في المسجد، ليس بسبب منع الشرطة لهم، ولكن بسبب وعي المصلين المرابطين في المسجد، وبسبب حالة النفير العامة للدفاع عن المسجد، وما صاحب ذلك من تأثير عالي الدرجة في الرأي العام العالمي، وهو ما دفع منسق الأمم المتحدة للدعوة إلى وقف الاستفزازات في المسجد، ودفع مصر أيضا للتصريح بأن الأقصى وقف خالص للمسلمين. هذا وربما كان لحالة الاستنفار العام لقوات المقاومة في غزة تأثيرا كبيرا في منع ذبح القرابين في المسجد.

الأقصى لم ينم ليلة أمس الجمعة، وغزة لم تنم في هذه الليلة، وجل الفلسطينيين كانوا يتابعون تطور الأحداث في الأقصى والقدس وغزة وجنين، والمثير للاستغراب كان هو اقتحام شرطة العدو المسجد فجر يوم الجمعة واعتقال (٤٠٠) مصلٍّ من داخله، وإغلاق أبوابه أمام المصلين، وطرد مئات من المرابطات والمرابطين منه. هذه الصورة تقول إن المصلين في الأقصى صلوا الجمعة بجراحاتهم، ودماؤهم تنزف، وبعضهم رهن الاعتقال، وآخرون رهن الطرد والضرب بالهراوات، ولكمات الجنود!

نعم، ثمة عوامل متعددة داخلية وخارجية ساعدت على منع وقوع جريمة ذبح القرابين في المسجد، ولكن هذا المنع هو حالة مؤقتة، إذ سيحاول المتطرفون من دعاة الهيكل تنفيذ ما خططوا له، ومن ثمة يمكن القول بأننا نحتاج لحلٍّ جذري لهذه المشكلة، ولا حل جذري بدون إقرار إسرائيلي رسمي بأن الأقصى مسجد خالص للمسلمين، وليس لليهود به شأن.

 هذا الإقرار والاعتراف بالحقيقة هو الطريق المستقيم لمنع أطماع اليمين المتدين ودعاة الهيكل من العودة للجريمة. إنه بدون تصريح رسمي من حكومة الاحتلال يكف أطماع اليهود في الأقصى فإن جريمة ذبح القرابين ستعود مرة ثانية وثالثة.

هذا ولأننا لا نتوقع أن تصدر حكومة الاحتلال مثل هذا التصريح، نقول إن دولة الاحتلال أصلا ليست جهة أمينة على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وأنها تدعي كذبا حرصها على حرية العبادة، والصلاة في الأقصى، أما الواقع فيكذب هذه الادعاءات،  ومن ثمة يجدر بمجتمع المسلمين عامة أن يعمل الأمم المتحدة على استصدار هذا التصريح، وأن يتدخلوا لحماية الأقصى، وإبعاد الأطماع الدينية اليهودية فيه.