قلنا في مقالنا السابق: "الاحتلال هو الاحتلال" بسبب ودون سبب، واليوم نواصل بناء المفهوم فنقول: جماعة الهيكل اليهودية المتعصبة تعلن في منشور عام لجميع اليهود عن مكافأة مالية لمن يقدم قربانًا في ساحة المسجد الأقصى. الإعلان يقول: يصرف (١٠٠٠) شيقل لكل فرد ينجح في إدخال (السخل) وذبحه، ويصرف (٨٠٠) شيقل لمن يدخل ولكن لا ينجح في ذبحه، ويصرف (٤٠٠) شيقل لمن يحاول ولا يحقق نجاحًا، أي لشرف المحاولة.
جماعة الهيكل جماعة يهودية متعصبة للديانة اليهودية، وتزعم أن الأقصى مقام على أساسات الهيكل القديم، وهذا الزعم لا يقوم عليه دليل، غير رغبة هذه الجماعة في هدم الأقصى، وإنهاء الوجود الإسلامي في بيت المقدس. جماعة الهيكل تحاول أن تصل لما تريد من خلال تشجيع الأعمال الفردية، وتحريض الأفراد لتحقيق الهدف، والهدف هنا هو البداية، فإذا ما تحققت البداية صارت عادة وتشريعًا مع أعياد الفصح اليهودية في كل عام. المهم هو النجاح في بداية الطريق، وتكتمل الإستراتيجية لاحقًا.
الفصائل الفلسطينية في غزة والضفة تدرك خطورة الخطوة الأولى، وتدرك أن لكل بداية طريقًا ونهاية، والطريق معروف والنهاية معلومة، لذا أعلنت أن ذبح القربان في الأقصى هو خط أحمر لا يمكن لها السكوت عنه، وأنه يعني معركة واسعة النطاق دفاعًا عن إسلامية الأقصى، وخلوصه للمسلمين وحدهم. الفصائل استنفرت أعضاءها، وبلغت المصريين برسالتها، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الانتهاك الخطير.
النصف من شهر رمضان هو ذروة أعياد الفصح اليهودية، وهو يوم حاسم، لا أحد يدري أين تذهب الأمور، هل تذهب المناطق لحرب واسعة، أم تمنع شرطة المحتل إدخال القربان، وتجنب المنطقة الحرب؟! القدس والضفة وغزة في حالة غليان لسببين: لهذا السبب، ولسياسة الانتقام والقتل الذي يمارسه المحتل في جنين ومناطق الضفة الأخرى.
وهنا أود أن أسأل الصوت النشاز الباحث عن إرضاء المحتل على حساب شعبه، فأقول إذا كان (رعد) قد كشف عن عيوب الشاباك في ديزنكوف، واستفز بينيت وغانتس، فما علاقة هذا بالمسجد الأقصى حتى تأتي جماعة الهيكل لتدنسه وتهدد إسلاميته، وتبدد الهدوء فيه بما يسمى تقديم القربان؟! لا إجابة على ذلك غير ما قلناه آنفًا: الاحتلال هو الاحتلال. الاحتلال هو من يخطط على المدى البعيد لتقسيم الأقصى، ولهدم الأقصى أيضًا، وجماعة الهيكل هي إحدى أذرع الاحتلال.
جماعة الهيكل تقدم مكافأة مالية، ومعلن عنها في الوسائل الإعلامية، وحكومة الاحتلال لا تجرم هذه الأعمال، ولا تعلن عن حظر جماعة الهيكل، ولو فعلت جماعة مسلمة أدنى من ذلك تجديفًا بحق الكنس اليهودية لبادرت حكومات الدول لحظرها ووصفها بالإرهاب، وبإشاعة الكراهية اليهودية. أما لماذا تكيل الدول بمكيالين؟! فالجواب لأن (إسرائيل) طفل العالم المدلل ولو هدمت المسجد الأقصى.