الاحتلال هو الاحتلال سواء أكانت هناك عمليات مقاومة في تل أبيب والخضيرة وبئر السبع أم لم تكن. وعليه فلا حجة للذين يزعمون أن عمليات المقاومة تزيد من شراسة الاحتلال. هذا القول كاذب، ولا دليل عليه البتة، ذلك أن العدو الذي يواصل احتلاله منذ سنوات طويلة تخللها أوقات هدوء طويلة أيضًا وظل يمارس مخططاته الاحتلالية بحسب ما خطط القادة المؤسسون للدولة. عبدة التسهيلات لا يملكون دليلًا، ويطلبون العسل من الدبور؟!
الاحتلال هو الاحتلال، وهو لا يبحث عن ذرائع ليكون شرسًا، فهو شرس بطبيعته الاستيطانية، وكراهته العنصرية، بدليل أن منظمة التحرير بقيادة عرفات وعباس عقدت معه اتفاقية سلام واعتراف، على أمل أن يحصل عرفات على الدولة، ولكنه توفي دون أن يحصل على شيء، وعباس يجري نحو الوفاة دون أن يحصل على الدولة أو حتى على وقف الاستيطان بشكل مؤقت.
الاحتلال هو الاحتلال، فعباس يدير تنسيقا أمنيا عميقا مع أجهزة أمن الاحتلال، ومع ذلك يواصل الاحتلال إذلاله وتقليم أظفار سلطته الهشة، وسحب الأموال من خزانته، وربما كان آخر هذه الإجراءات صفعة قضائية في المنطقة الحساسة من كيانه، حيث قررت المحكمة العليا الإسرائيلية بأحقية الإسرائيليين المتضررين من العمليات الأخيرة بالتوجه للمحكمة لطلب تعويضات عن القتل، وعن الضرر، الذي أصابهم، وعلى الحكومة أن تعطيهم مستحقاتهم من أموال المقاصة، أي من أموال السلطة التي يقودها عباس.
الاحتلال هو الاحتلال، فعباس استنكر أعمال المقاومة الأخيرة، وذلك الاستنكار المشين فلسطينيا لم يشفع له عند محكمة الاحتلال العليا، ومن ثمة عليه أن يملأ جيوب المتضررين الإسرائيليين بالمال الفلسطيني، وعليه يمكن أن يسأل الفلسطيني فيقول: إذا كان عباس لا يمارس المقاومة، ويشجب أعمال المقاومين، ويصمت عند مقتل غادة وأمهات الفلسطينيين، فما فائدة استنكاره وما فائدة قمعة لمقاومة شعبه؟!
الاحتلال هو الاحتلال، وخطط الاحتلال هي خططه، ومن ثمة هو ينتهز فرصًا دولية ومحلية لمواصلة خططه، ومن ثمة جاء قرار بناء (٤٠) كيلو متر جديدة من جدار الفصل العنصري، الذي جرمت فعله المحاكم الدولية. هذا القرار لم يكن وليد اللحظة التي كانت بعملية تل أبيب الفدائية، كما أن قرار محكمة العدل العليا في الدولة العبرية لم يكن وليد اللحظة ذاتها، القرارات هذه هي جزء من مخطط أوسع، وجد هذا الجزء فرصته الآن، والعالم مشغول بأوكرانيا، والفلسطينيون مخذولون عربيا ودوليا.