ولد ابراهيم لأبوين يعبدان الأصنام في العراق في منطقة تُسمى أور في فترة حُكم النمرود، كان والد إبراهيم يصنع الأصنام، ومن يكبر من أبنائه يحمِّله أصناماً يمضي لبيعها. لم يُعجب ذلك إبراهيم الصغير، فيضحك من والده قائلاً بسخرية:" أتصنع آلهتك وتبيعها ليشتريها غيرك؟"
فينهره والده، فيحمل الأصنام مرغماً، ويمضي بها منادياً: "من يشتري صنماً لا يضر ولا ينفع.. فيبيع إخوته أصنامهم، أما هو، فيعود بها كما هي دون أن يبيع منها واحداً!".
كبر إبراهيم وازداد كفراً بأصنام قومه وآلهتهم، وبدأ يبحث عن ربه الحقيقي، خالقه وخالق الأكوان.. فيقف متأملاً في الليل، فرأى كوكباً لامعاً في السماء، فقال: "هذا ربي".. ولكن الكوكب ما لبث وزال من صفحة السماء.. اختفى الكوكب.. فقال إبراهيم: "لا أحب الآفلين.. ربي يبقى لا يزول".
ثم بزغ القمر، فقال إبراهيم: "هذا ربي".. ولكنه اختفى أيضاً.. فقال:" لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين". وحدث الشيء ذاته عندما ظهرت الشمس في الصباح.. وعندما اختفت في المساء، قال إبراهيم: "يا قوم، إني بريء مما تشركون". أدرك إبراهيم أن خالق الكوكب والقمر والشمس هو الله الذي خلق كل شيء.
هدى الله إبراهيم للإسلام، أدرك أن الله واحد لا شريك له.. هو الخالق والرازق والمعطي والنافع...
وفي أحد أعياد قومه، ذهبوا جميعاً خارج البلدة، وبقي هو.. فذهب إلى أصنامهم وحطَّمها بفأس، وترك كبير الأصنام، ووضع الفأس على كتفه.. وعندما عاد القوم وجدوا أصنامهم محطَّمة، فغضبوا غضباً شديداً وسألوا: من حطم آلهتنا؟
فأجاب منهم:" سمعنا فتى يذكرهم بسوء.. إنه إبراهيم.. لا شك أنه الفاعل".
فقالوا:" أحضروه".
سألوه: "أأنت من حطم آلهتنا؟".. فقال:" اسألوهم!! أليسوا آلهتكم؟ إذن لا بد أن يجيبوكم..".
صمتوا أمام جوابه، فهم يعلمون أن أصنامهم لا تتكلم.. ولا تستطيع الدفاع عن أنفسها..
وعاد يقول لهم: "فعلها كبيرهم.. انظروا إلى الفأس على كتفه!!".
وصمتوا أيضاً.. فهم متأكدون أنه لم يفعل، لأنه صنم عاجز عن الحركة، وعاجز عن تحطيم غيره من الأصنام.. ولكنهم لم يستطيعوا قول ذلك لإبراهيم.. فهم يعلمون أنه سيسخر منهم ومن آلهتهم..
وانتقاماً لأنفسهم وأصنامهم من إبراهيم، قالوا: اجمعوا حطباً.. وأوقدوا ناراً كبيرة.. سنحرقه ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه التطاول على آلهتنا..
أشعلوا النار حتى أصبحت ألسنة اللهب شديدة الحرارة وألقوه في النار.. النار لم تحرق إبراهيم.. بل أمرها الله أن تكون برداً وسلاماً عليه.. وكانت هذه إحدى معجزاته.
نجا إبراهيم وازداد إيماناً ويقيناً بربه.. ولكنه سأل ربه ذات مرة قائلاً: "أرني يا رب كيف تُحيي الموتى".
فقال له الله تعالى: "أوَ لم تؤمن يا إبراهيم!".
قال إبراهيم: "بلى، آمنت إيماناً ثابتاً لا شكَّ فيه، ولكن ليطمئن قلبي وأزداد يقيناً بعملية الموت والبعث للحياة من جديد".
فقال له الله تعالى:" إذن، فخذ أربعة طيور، واذبحها، وقطِّعها أجزاء، واخلط أجزاءها، وضع على كل جبل جزءا من خليط الأجزاء.. ثم نادها إليك تعد للحياة كأنها لم تمت..
فعل إبراهيم ما أمره الله به، وعادت إليه الطيور التي ذبحها وقطَّعها بيديه.. ليكون ذلك معجزة أخرى من معجزات نبي الله إبراهيم.