فلسطين أون لاين

زوايا نظر جارحة

في أقل من ثلاثة أسابيع هلك للعدو (١٤) مغتصبًا، عدا الذين أصيبوا بجراح. المقاومون: (أبو القيعان، واغبارية، وحمارشة، ورعد حازم)، جددوا دماء المقاومة، وأحيوا رسالة الحرية والكرامة، التي كادت السلطة أن تهدمها بذلتها وبتعاونها الأمني مع المحتل.

بعض المحللين يركز على عدد القتلى والجرحى ليقول إن هذه الخسائر تعد خسائر كبيرة وفادحة، لم يتكبد العدو مثلها منذ فترة طويلة. وبعضهم يركز على دلالات المكان، حيث وقعت العمليات داخل الخط الأخضر وبالذات في تل أبيب وبني براك مركز دولة الاحتلال. وبعضهم يركز على التلاحم الوطني الفلسطيني بين الضفة وغزة والخط الأخضر، حيث جاء المقاومون من بئر السبع، والمثلث، وجنين، وكانت المقاومة في غزة لهم ظهيرا. وفي كل زاوية مما سبق دروس وعبر يقف عليها ذوو البصر والبصيرة.

والزاوية التي أود أن أقف عندها هي زاوية مزدوجة، مكونة من: (الفشل والرعب). وأعني بالفشل فشل أجهزة أمن العدو أمام العمليات الأربع، رغم مطالبة قادة الأجهزة والحكومة بالحذر، وضرورة الأخذ بالحسبان تأثيرات شهر رمضان. كان العدو يتوقع اشتعال عمليات مقاومة في هذا الشهر، لذا لجأ لأمرين معًا بغرض كبحها قبل أن تقع: الأول نشر مزيد من الكتائب الإضافية داخل الخط الأخضر والقدس وخطوط التماس مع غزة والضفة. كما أطلق وعودا بتسهيلات رمضانية ليغري على الهدوء، واستعان بدول عربية لاحتواء أعمال المقاومة في رمضان.

هذا وتركز عمل الدول في غزة، ولكن ما غاب عن العدو، وعن الدول هو أن الأعمال الفردية لا يمكن احتواؤها، ولا يمكن ضبطها، أو معرفة وقت انطلاقها. الأعمال الفردية عادة تفاجئ الجميع، وتضرب أجهزة الاستخبارات بمقتل، وتجعل منها أضحوكة أمام الشعب، حيث تسقط هيبتها، ولا تجد بين الشعب من يصدّق تصريحات قادتها. وهذا حصل داخل العدو كالزلزال المفاجئ، ولا سيما بعد عملية (رعد حازم) التي جاءت بعد تكثيف العدو استعداداته ورفع مستوى الحذر والجهوزية لأعلى درجة.

وأعني بالرعب، عودة الخوف إلى قلوب المغتصبين في جل مدن وقرى فلسطين المحتلة، ولا سيما في تل أبيب، وكان العدو قد عرف مثل هذا الرعب والخوف على يد المهندس (يحيى عياش) رحمه الله، ويبدو أن العمليات الأربع قد أعادت هذا الرعب لقلوب المغتصبين بشكل كبير، لذا لجأ بينيت وغانتس في تصريحاتهم إلى تطمين المحتجين اليهود، بقولهم نحن سننتصر، وقد انتصرنا في معاركنا السابقة على ما سموه (الإرهاب، والعمليات الانتحارية)، مستذكرين أيام يحيى عياش.

إنك إذا قرأت خطاب بينيت، وغانتس، وبارليف، بعد عملية تل أبيب يمكنك الإمساك بخيوط الرعب والخوف التي تسللت بقوة لقلوب المستوطنين، بل لقلوب قادة الاحتلال.

أما اقتحام قوات العدو لمخيم جنين أمس السبت وقتلهم (أحمد السعدي) وإصابة عشرة مواطنين، وانسحابهم دون اعتقال والد (رعد)، لدليل على الأمرين: (الفشل والرعب). كان الاقتحام للتغطية على الفشل. وكان القتل لتبديد حالة الرعب والخوف التي تسكن المغتصبين، تحت زعم أن الجيش يقوم بعمل اللازم، ويحقق الحماية لهم.

وفي ظني أن اقتحام جنين، وقتل وجرح أبنائها سيجلب مزيدا من عمليات المقاومة والقتل، ولن يحقق غرض الردع البتة. القتل يجر القتل لا محالة، وتلكم قاعدة قديمة.