لماذا يعتزم نتنياهو المشاركة في مسيرة لليمينيين المتطرفين في القدس الأربعاء الخامس من إبريل؟! هذا السؤال يستدعي سؤال لماذا اقتحم لبيد باب العمود الأحد المنصرم؟! ولماذا يتنافس بينيت، وغانتس على الإعلان عن حملة اعتقالات واسعة (٢٠٦) أشخاص بعد عملية حمارشة في بني براك؟!
هذه الأسئلة من الميدان، ولكنها تكشف ما خلفها على المستوى السياسي والحزبي في داخل دولة الاحتلال، كما تكشف عن حجم الدم الفلسطيني المراق في السياسة الحزبية الصهيونية. ما من شك أن العمليات الفدائية الفردية التي وقعت في النقب، والخضيرة، وبني براك قد استهزأت بأجهزة الأمن الإسرائيلية، وأثبتت فشلا عميقا للشاباك الإسرائيلي، وهو فشل ينعكس عادة على الحكومة، وعلى مدى استقرارها في الحكم لفترة أطول.
المستوطنون واليمين المتطرف غاضبون من الحكومة بسبب الفشل، لذا هم يرفعون درجة التحدي للحكومة، والحكومة تخشى السقوط، أو الانهيار من داخلها، لذا بادرت إلى تصريحات وأعمال تسترضي بها عناصر اليمين المتطرف والمستوطنين، ومن ثمة كانت تصريحات غانتس، وبينيت عن اعتقالات واسعة، والزعم بإحباط خمس عشرة عملية في شهر رمضان حتى اللحظة، ولتعميق عملية الاسترضاء والاحتواء اقتحم لبيد (يسار وسط) باب العمود، وللغرض نفسه قرر نتنياهو المشارك في مسيرة اليمين المتطرف في القدس.
المستوطنون، والمتطرفون، من أهل اليمين الصهيوني والديني، هم بيضة القبان في السياسة الداخلية الإسرائيلية، وهم الذين يقررون من يكون رئيس الوزراء في الانتخابات القادمة. وهم في الحقيقة من يحكمون الدولة، ولأنهم كذلك، ولأن نتنياهو يعمل للعودة لرئاسة الوزراء فهو يشاركهم مسيرتهم في القدس، وهذا لا يعني أن لنتنياهو استراتيجية مغايرة لاستراتيجية اليمين المتطرف، بل العكس صحيح، إذ يقف هو في مركز اليمين المتطرف، وفي وسط المستوطنين.
إن عودة الليكود بقيادة نتنياهو أو غيره للحكم هي مسألة وقت، فاستطلاعات الرأي تعطيهم الأغلبية، لذا يمكن القول بأن هذه العودة تضغط بقوة على أعصاب حكومة بينيت، لذا تعمل على استرضاء اليمينيين بمواقفها وتصريحاتها، وهذا أيضا لا يعني أن لها سياسة مختلفة عن سياسة اليمين والاستيطان، وإن كان لبعض المكونات المشاركة فيها بعض الاختلاف.
في وسط هذه المعارك الحزبية فإن الدم الفلسطيني، والأرض الفلسطينية، هي ثمن هذه المنافسات الحزبية، وعلى الأطراف الفلسطينية أن تعي الحقيقة وأن تقف الموقف الواجب أن يقفه الوطني الذي لا يتاجر بوطنه؟! كلهم يخدمون اليمين المتطرف، وبعضنا يشارك في الخدمة من حيث لا يشعر.