قادة دول عربية يطالبون السلطة وقادة الفصائل بالمحافظة على الهدوء ومنع التصعيد. القادة يطلبون هذا من الفصائل، فماذا يطلبون من الطرف الإسرائيلي المحتل؟! حكومة الاحتلال هي من بادرت بهدم التهدئة والاستقرار. الحكومة هي من اغتالت ثلاثة مواطنين في جنين بدم بارد، وادعاءات كاذبة لم يؤكدها أحد، ولم تشهد عليها الوقائع!
ثم إن وزير خارجية دولة الاحتلال هو من اخترق الهدوء واقتحم باب العمود، ولا أحد يعرف لماذا فعل هذا في ظل حراسة مشددة في هذا التوقيت الدقيق من شهر رمضان المبارك. هل اقتحم باب العمود لرفع معنويات الشرطة المنهارة، أو أراد تحقيق مكاسب انتخابية على المستوى الشخصي، من خلال هذا الاقتحام، الذي يحمل تحديًا للمقدسين.
ثم إن قادة الدول العربية يعلمون جيدًا بالخطط الإسرائيلية لاقتحام المسجد الأقصى في شهر رمضان، ولا سيما في الأسبوع الأخير منه، الذي يتقاطع مع أعياد يهودية، ويعلمون أن المقتحمين يريدون تقديم القرابين في ذلك التوقيت، داخل ساحة الأقصى، وكأن الدنيا ضاقت، ولا متسع لهم إلا المسجد الأقصى، وهو أمر غير مقبول شرعا ولا عقلا.
ثم إن قادة الدول يعلمون جيدا أن عمليات المقاومة التي سبقت رمضان هي أعمال فردية، وقد ذكرت ذلك المصادر العبرية، ولكن عملية اغتيال الثلاثة في جنين عملية حكومية، وبتخطيط بين أجهزة الأمن، وعليه فمن المجحف غض الطرف عن خطورة عمل حكومة بينيت، والتنكر لحق الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بحجج البحث عن الهدوء.
العدو يخترق الهدوء يوميا، وبشكل متواصل ومتعمد، من خلال الاستيطان اليومي، وبناء المساكن، وهدم البيوت، ومصادرة الأراضي، والحصار، وخلاف ذلك، فلماذا يتناسى قادة العرب هذه الأعمال، ويشجبون فلسطينيا دافع عن حقه الشخصي، وعن حقوق شعبه ووطنه، ما لكم كيف تحكمون؟!
من المؤكد أن قادة دولة الاحتلال يستغلون قادة دول عربية للضغط على غزة تحديدا، وعلى الفلسطيني عموما، من خلال التهديد، والذهاب لمعركة موسعة، أو إلى الاغتيالات، والقادة لا يملكون الرد على العدو لأنه الأقوى، ويجحفون بحق الفلسطيني لأنه الحلقة الأضعف في نظرهم، ويبررون ذلك بما يسمونها المصالح الفلسطينية، ولا مصلحة هنا.
الفلسطيني يعيش الاحتلال يوميا، ويكتوي بنار الاحتلال صباحا مساء، ويناشد العرب والمجتمع الدولي تأمين حقوقه الوطنية، ولكن لا مجيب، لذا هو يدافع عن نفسه وعن حقوقه بأعمال فردية وفصائلية، ولا عيب في ذلك، بل إن المطلوب دائما هو إشغال العدو وإرهاقه، لأن العدو يستغل فترات الهدوء لمواصلة الاستيطان والتهويد، وعلى المستوى السياسي سجلت السلطة فشلا ذريعا في الحصول على أدنى الحقوق الفلسطينية في الدولة وتقرير المصير. بعد كل هذا ليس للفلسطيني غير الدفاع الفردي والجماعي عن نفسه وعن حقوقه الوطنية، وحساباته غير حسابات المتفرجين على المذبحة التي يقيمها الاحتلال لحقوقه الوطنية، الفردية والجماعية.